الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس القهري داء له دواء

السؤال

أنا شاب عمري 15 سنة وأعاني من الوساوس القهرية منذ سنة وقد جربت كل الحلول من صبر طويل وصوم وصلاة والدعاء الكامل ولم أجد الحل كما أخجل من طرح المشكلة لأبي لأنها تمس الشرف وتأتي النساء وأنا أفكر في الانتحار فماذا أفعل؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن هذه الدنيا دار ابتلاء، ولا يستثنى من هذا الابتلاء أحد لا نبي ولا ولي، بل إن المرء يبتلى على قدر دينه : إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}، فاحذر من اليأس والقنوط وثق بالله، قال الله تعالى: إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}، وقال أيضاً: وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ {الحجر:56}.

ولا تلتفت إلى الوسوسة مطلقاً، ولو خُيِّل أنك فعلت حراماً أو أنك مقصر مع الله، فتحدى الشيطان، وقل له: أنا أعلم بربي منك، ولا تسترسل معه أبداً واستعذ بالله منه، وجاهد نفسك والزم الأوراد والأذكار وقراءة القرآن والرقية.

واعلم أن الله لا يحاسبنا على خطرات قلوبنا أو ما حدثنا به أنفسنا، وهذا من رحمة الله تعالى بنا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به نفسها، ما لم تعمل به أو تكلم به. رواه أبو يعلى، وقال الشيخ حسين أسد: إسناده قوي، وراجع الفتوى رقم: 5344.

فإن استمرت الوساوس معك فأخبر والدك بحالتك ليساعدك بعرضك على طبيب مختص في الطب النفسي، فإن الله ما أنزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله.

واعلم رحمك الله أنه يحرم عليك الانتحار، فإن قتل النفس من كبائر الذنوب، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}، وقال صلى الله عليه وسلم: من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. رواه البخاري ومسلم.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان فيمن قبلكم رجل به جرح، فجزع، فأخذ سكيناً فحزَّ بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة. رواه البخاري.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعنها في النار. رواه البخاري أيضاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني