الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في الأماكن التي تؤدي إلى التهاون بالصلاة

السؤال

ماهو حكم العمل فى المراكز العسكرية علما بأن ذلك في غالب الأحيان يؤدي إلى ترك الجماعة أو تأخير الصلاة عن وقتها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏
‏ ‏
فإنه لا يجوز العمل في أي وظيفة يؤدي العمل فيها إلى ترك الصلاة بالكية أو تأخيرها عن ‏وقتها الذي حدده الله تعالى لها لأن الصلاة أمرها عظيم عند الله تعالى ومكانتها في الدين ‏كبيرة جداً ولذلك لا تسقط عن المسلم أبداً ما دام عقله عنده فيصليها على الحال التي هو ‏عليها قدر استطاعته ومما يدل على تأكيد أمرها أن المجاهدين في ميدان المعركة ومواجهة ‏الأعداء لا تسقط عنهم ولا يجوز لهم تأخيرها عن وقتها بل يصلونها على حسبما ‏يستطيعون قال الله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ ‏خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) ‏
‏ [البقرة: 238،239 ] ولذلك شرع الله سبحانه وتعالى صلاة الخوف المعروفة ولو ‏كانت الصلاة تسقط لعمل ما لأهميته وقداسته والحاجة إليه لسقطت الصلاة للجهاد لما ‏يلتحم الصفان ويتقارع الفرسان ولكن الصلاة أمرها عظيم وشأنها جليل فهي فعلاً أساس ‏الدين وعموده الذي يقوم عليه بنيانه.‏
أما أداء الصلاة في الجماعة فهو واجب على الراجح من أقوال أهل العلم ولكنه يسقط عن ‏المسلم فيؤدي الصلاة منفرداً إذا عجز عن حضور الجماعة لمرض أو تمريض أو الانشغال ‏بعمل لا غنى له عنه.‏
وبناء على ما تقدم فإن العمل في تلك المراكز إن كان يؤدي إلى ترك الصلاة بالكلية أو ‏تأخيرها عن وقتها فإنه لا يجوز ويجب على المسلم الذي لا يستطيع الجمع بينه وبين أداء ‏الصلاة في وقتها أن يستقيل منه ويتركه لأنما أدى إلى فعل محرم فهو محرم يجب الابتعاد ‏عنه.‏
أما إن كان العمل في تلك المراكز يؤدي إلى ترك أداء الصلاة في الجماعة فقط فإنه يجب ‏على العاملين فيها من مسؤولين وأفراد أن يسعوا إلى أن ينظموا عملهم بحيث تتاح ‏الفرصة للجميع أن يصلوا جماعة داخل المعسكر فإن لم يكن ذلك فليصلوا جماعات.‏
فإن أبى المسؤولون عن ذلك ومنعوا الناس من الصلاة جماعة أو جماعات فهنالك ينظر في ‏حال كل شخص على حدة فمن كان محتاجاً للعمل في تلك المراكز ولا يجد عملاً فيما ‏سواها يكسب منه قوته وقوت من تلزمه نفقته فإنه يجوز له العمل فيها مع استمرار محاولة ‏إيجاد طريقة لصلاة الجماعة أو إيجاد عمل بديل ودليل جواز ترك أداء الجماعة في هذه ‏الحال قول الله تعالى ( فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا) [التغابن:16] وقوله تعالى ( ‏لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) [البقرة: 286] وقول النبي صلى الله عليه وسلم " ما ‏نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما ستطعتم" أخرجه البخاري ومسلم أما إن ‏كان المسلم غير محتاج للعمل في هذه المراكز
فعليه أن يتركها ويبحث عن عمل يستطيع ‏معه أداء ما أوجبه الله تعالى عليه من أمر دينيه فإنه لا خير في أمر شغل عما أوجب الله ‏تعالى ولمزيد من التفصيل راجع الجواب رقم 8688 واعلم أن كل كلامنا منصب في ‏المراكز العسكرية في بلاد المسلمين أما المراكز العسكرية في بلاد الكافرين فلا يجوز العمل ‏فيها والانتظام في سلكها بحال من الأحوال.‏ والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني