الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الدعوة إلى الله تعالى هل يمكن أن تكون بالموسيقى

السؤال

لدي سؤالان. السؤال الأول: ما حكم استخدام الآلات الموسيقية للدعوة في الغرب؟ السؤال الثاني: هل يمكن أن تعطي لنا مثالا لقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات" في مجال الدعوة؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الله تعالى أمر بالدعوة إليه فقال عز من قائل: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ {النحل: 125}. وجعل سبحانه الدعوة هي أحسن القول، فقال: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ {فصلت: 33}، وراجع في فضل الدعوة إلى الله الفتوى رقم: 16759.

ولكن الدعوة إلى الله تعالى لا تكون إلا بما شرع سبحانه، إذ إن الوسائل لها أحكام الغايات، والإسلام لا يقبل الوصول للغايات الطيبة بالوسائل الخبيثة، بل يجب أن تكون الوسائل طيبة تماما كالغايات، ولهذا لا يجوز جمع المال من حرام لينفق في الخيرات وأوجه الصدقات، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. رواه مسلم.

فإن تقرر هذا، فلتعلم أيها السائل الكريم أن الدعوة إلى دين الله تعالى لا تكون بوسائل حرمها الله كالآلات الموسيقية، ولو كان ذلك في بلاد الغرب. وانظر أدلة تحريم استخدام آلات اللهو والطرب في الفتوى رقم: 39632.

ومتى كانت الموسيقى وسيلة للدعوة إلا في دين النصارى ومن جاراهم من أهل البدع.

هذا، ولتعلم أن الله تعالى لم يكلف المؤمنين أكثر من دلالة الناس على ما ينفعهم بأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وهذا لا يتطلب أن ينتهك الداعية الحرام. فالداعية مجرد مبلغ عن رب العالمين، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ملخصا دوره: إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ {فاطر:23} وقال: مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ {المائدة: 99} ولما ظهر منه صلى الله عليه وسلم القلق والجزع على المعاندين الذين يدعوهم إلى الهدى والسعادة في الدارين ويأبون إلا التقحم في النار حينئذ قال له تعالى: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا {الكهف: 6} وقال له أيضا: فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ {فاطر: 8}

من هنا يتضح لك أن الداعية مأمور بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإذا وجد عنادا من الناس فإنه لا يجاملهم بترك بعض شرع الله ابتغاء مرضاتهم، وعلى هذا فإن قاعدة الضرورات تبيح المحظورات لا يجري تطبيقها في مجال دعوة الناس للاستقامة على دين الله. وحتى يتضح لك معنى الضرورة التي تبيح المحظورات راجع الفتوى رقم: 27833، ولبيان هل يتنازل المسلم عن بعض الشرع لتروج دعوته على المناوئين انظر في ذلك الفتوى رقم: 53773.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني