الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في طلب العلم وآداب طالبه

السؤال

في بلادنا الشهادة الجامعية تساهم في احترام الناس لصاحبها، وهي قد تساهم في تحديد اختيار الزوجة، وأنا- والحمدلله- مطالع للكتب الدينية وغيرها، يعني هل ذو الثقافة فقط من درس في الجامعة أربع سنين، وأنا لم تتيسر ظروفي للحصول على البكالوريوس وقد درست والحمد لله الدبلوم -سنتين فقط، يعني أريد أن أسأل عن العلم بشكل عام دنيوي وديني، ما الواجب علي فيهما؟ وكيف لا أنوي حراما في مجال العلم؟ يعني إكمال الدراسة كيف يكون؟ وكيف النية والقصد فيها بحيث على الأقل لا تكون حراما؟ كيف ينوي الإنسان بشكل عام في كل عمل؟ ما الحرام من النية وما الواجب وما المكروه منها وما المندوب وما المباح، الفاضل والمفضول،؟ الله أغنى الشركاء عن الشرك، قرأت أنه قد يكون للنفس نصيب أو للشيطان نصيب أو للخلق نصيب، والإنسان له شهوات ورغبات وقد اختلط الأمر علي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فطلب العلم من أعظم القربات، والفضائل الواردة فيه كثيرة في القرآن والسنة، وهو نوعان :

النوع الأول : فرض عين : وهو ما يحتاجه الإنسان في معاملته لربه أو في معاملته للناس، ومن ذلك: تعلم العقيدة والتوحيد إجمالاً، وتعلم أحكام الصلاة والصيام والزكاة -لمن عنده مال يزكيه- والحج لمن أراد أن يحج، ونحو ذلك من العبادات .
ومن ذلك تعلم أحكام البيع والشراء لمن أراد أن يتعامل بذلك، وكذا أحكام النكاح والطلاق والأطعمة والأشربة وغيرها من المعاملات .
والنوع الثاني : فرض كفاية : وهو التخصص في العلوم المتقدمة والتبحر فيها، بالإضافة إلى تعلم أصول الفقه، والنحو وأصوله، والحديث، وغير ذلك من العلوم بما فيها العلوم الدنيوية كالطب، والهندسة، وعلوم الصناعات الحربية وغيرها . فلا يجب تعلمها على كل مسلم، بل يكفي تعلم البعض لها.

وإذا أردت طلب العلم الديني فجاهد نفسك على إصلاحها والإخلاص لله تعالى بأن تنوي بالطلب رضا الله والتقرب إليه، وأن تعبده على بصيرة وترفع الجهل عن نفسك. وقد قال الإمام أحمد: طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته، قيل: فأي شيء تصحيح النية؟ قال: ينوي أن يتواضع فيه وينفي عنه الجهل .

فانو أن تتواضع بالعلم الذي تطلبه لا أن تتكبر، وانو أن ترفع الجهل عن نفسك. واحذر من الرياء والسمعة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله جهنم. رواه ابن ماجه عن أبي هريرة وصححه الألباني.

وأما إذا أردت طلب العلوم الدنيوية النافعة فعليك أن تستعلي بهمتك وترتفع بنيتك إلى أن يكون قصدك القيام بهذا الواجب العظيم عبادة لله تعالى وقربة إليه، وخدمة لمجتمعك، فتجمع بذلك بين حسنتي الدنيا والآخرة: رضى الله تعالى، ورضى الناس. أما إذا قصرت نيتك على نيل وظيفة أو مال أو مكانة، فليس ذلك حراما، ولكنك تضيع على نفسك خيراً كثيراً وأجراً عظيماً، كمن يكدح لمجرد أن يشبع أو يلبس، فليس له من عمله إلا ما نواه به، ولكنك إذا نويت مع ذلك التقرب إلى الله بكفاية المسلمين وإعانتهم، وخدمة هذا الدين العظيم والقيام بشيء من فروض الكفايات تكون مثاباً على ذلك إن شاء الله تعالى، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لامرئ ما نوى. متفق عليه.

وعموما فإن النية تحول الأعمال المباحة إلى طاعة وقربة لله تعالى؛ كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي ذر أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول أموالهم، قال: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون، إن بكل تسبيحة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة وفي بضع -الجماع أو الفرج-أحدكم صدقة .قالوا يا رسول الله: أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرا.

وراجع للفائدة الفتاوى ذات الأرقام التالية:111647،112865،111460،71727،15872،113878،49739، 40763، 39937.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني