الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم دفع الزكاة لعائلة لدى نسائها ذهب

السؤال

سؤالي عن الزكاة: سمعت من شخص أنه لا يجوز أن نعطي زكاة مالنا لعائلة لدى نسائها ذهب.فهل هذا صحيح ؟ علماً بأن هذه العائلة ليست فقيرة جداً، ولكن تملك الشراب والطعام والملبس، لكن هذا لا يمنع أنهم بحاجة كبيرة إلى هذا المال.
هل يجوز أننا نعطي زكاة مالنا لأناس لديهم ذهب أم لا يجوز ؟
وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بين الله تعالى مصارف الزكاة أتم بيان وذلك في قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. {التوبة:60}. فكل من وجد فيه وصف من هذه الأوصاف المذكورة في الآية جاز دفع الزكاة إليه، فإذا كان هؤلاء الناس لا يجدون كفايتهم لحاجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب وملبس ومسكن ودواء جاز دفع الزكاة إليهم، ومن كان لديه من الذهب ما لا يحتاج إليه ممّا يمكن أن يسد به حاجاته الأصلية لم يجز أن يعطى من الزكاة لأنه غني بملكه لهذا الذهب، والغني لا يجوز أن يعطى من الزكاة لقوله صلى الله عليه وسلم: لا حظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب. رواه أحمد وأبو داود. فمن كان غنيا بمال أو قدرة على الكسب بحيث يجد كفايته وكفاية من تلزمه نفقته مدة الحول على ما يليق بمثله من غير تقتير ولا إسراف لم يجز أن تدفع إليه الزكاة، كما بين ذلك أهل العلم في كلامهم على حد الفقير الذي يعطى من الزكاة، وأما إن كان هذا الذهب مملوكا لغير من تجب عليه النفقة كأن كان مملوكا للزوجة، فإنه لا يمنع من دفع الزكاة إلى الزوج، وكذا إذا كان هذا الذهب حليا لامرأة وهي تحتاجه في زينتها التي تليق بمثلها لم يلزمها بيعه وجاز دفع الزكاة إليها إذا كانت لا تملك كفايتها ولم يكن لها من يكفيها بوجوب نفقتها عليه.

قال في مطالب أولي النهى: وكذا من له كتب يحتاجها للحفظ والمطالعة، أو لها حلي للبس أو كراء تحتاج إليه فلا يمنعها ذلك الأخذ من الزكاة. انتهى.

واعلم أن بعض أهل العلم ذهبوا إلى أن من ملك خمسين درهما أو ما يساويها من الذهب لم يجز أن يعطى من الزكاة بوصف الفقر، وإن كان ما يملكه دون حد الكفاية وهذا القول رواية عن أحمد رحمه الله، والرواية الثانية عن أحمد وهي مذهب الجمهور أن الغنى المانع من الأخذ من الزكاة هو ما تحصل به الكفاية سواء ملك ذهبا أو لا، وأن من لم يجد كفايته جاز له الأخذ من الزكاة وإن ملك نصابا.

قال الموفق في المغني: والرواية الثانية أن الغنى ما تحصل به الكفاية، فإذا لم يكن محتاجا حرمت عليه الصدقة وإن لم يملك شيئا، وإن كان محتاجا حلت له الصدقة وإن ملك نصابا، والأثمان وغيرها في هذا سواء وهذا اختيار أبي الخطاب وابن شهاب العكبري، وقول مالك والشافعي لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال لقبيصة بن المخارق: لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة: رجل أصابته فاقة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجى من قومه قد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو سدادا من عيش. رواه مسلم فمد إباحة المسألة إلى وجود إصابة القوام أو السداد، ولأن الحاجة هي الفقر والغنى ضدها فمن كان محتاجا فهو فقير يدخل في عموم النص، ومن استغنى دخل في عموم النصوص المحرمة، والحديث الأول فيه ضعف ثم يجوز أن تحرم المسألة ولا يحرم أخذ الصدقة إذا جاءته من غير مسألة فالمذكور فيه تحريم المسألة فنقتصر عليه. انتهى.

وقد بيّنا الغنى المانع من الأخذ من الزكاة وحده في الفتوى رقم: 118692.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني