الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دراسة الفلسفة قادتها للشك في وجود الخالق سبحانه

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 19عاما والتزمت من سنتين، وأنا في قسم فلسفة ودرست مسائل مخالفة للعقيدة كالشك في وجود الله، مع العلم أني ملتزمة جداً فبدأت أشك في وجود الله وأفكر في ذاته ليل نهار ولا أنام وتعبانة جداً ،ولم أتوقف عن البكاء ليل نهار وأنا أسمع القرآن كثيراً وأتأثر به، لكن دون جدوى وإذا قمت للصلاة هاجمتني تللك الشكوك فكل ذلك أحدث في نفسي ألما وأصبحت لا أقدر علي احتماله لأني أصبحت أشك بأني أتيت باباً من أبواب الكفر والنفاق، بالله عليكم أغيثوني ربنا يكرمكم يارب بالله عليكم أنا على وشك الجنون؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنود أن ننبه أولاً إلى أنه لا يجوز أن يقبل على دراسة علم الفلسفة إلا من كانت له قدم راسخة في العلوم الشرعية، أو يكون من يدرسها كذلك على علم بالشرع حتى يتسنى له بيان الحق للطلاب وبيان أباطيل الأسس الفلسفية، وأما دفع الطلاب إلى دراسة هذا العلم من غير أسس سليمة ستكون نتيجته مثل هذه الشكوك التي قد تنتاب القلوب، وهذا من فعل الشيطان، وقد قال الله تعالى: لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ* وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. {الحج:53-54}. وراجعي في تعريف الفلسفة وحكم تعلمها الفتوى رقم: 15514.

ونحسب أن الشيطان لم يحصل بغيته منك، فخوفك من الوقوع في الكفر أو النفاق علامة خير فيك، فننصحك بمدافعة كل خواطر قد تنتاب قلبك ولا تجعلي شيئاً منها يستقر فيه، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وقولي آمنت بالله، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. يعني أن كره ذلك ومدافعته من الإيمان.. وروى أحمد وأبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أحدنا يجد في نفسه يعرض بالشيء لأن يكون حممة أحب إليه من أن يتكلم به، فقال: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة.

وأما التفكر في ذات الله تعالى فهو من الشيطان أيضاً، فدافعيه بالتفكر في خلقه وآلائه، فمن كانت له السماوات بعظمتها وما فيها والأرض بعظمتها وما فيها فكيف يمكن للعقل أن يتصور قدره أو يتصور له كنه؟ فكل ما خطر ببالك فالله أعظم منه. ولنا فتاوى مهمة بهذا الخصوص راجعي منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 39560، 53031، 122213.

ونوصيك في الختام بالرجوع إلى أهل العلم المتخصيصين في كل ما قد تحتاجين فيه إلى استيضاح، وعليك باتهام العقل بالقصور لا اتهام الشرع فإن العقل يجهل أبسط الأمور التي تكون في الإنسان أو تحيط به فكيف يمكن أن يدرك شيئاً عن الخالق أو أسراره في خلقه، وننصحك أيضاً بمصاحبة أخواتك المسلمات الصالحات، وجماع الخير في الدعاء فتوجهي إلى ربك وتضرعي إليه بالدعاء الذي كان يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك. رواه أحمد وابن ماجه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني