الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا دلالة في رواية ابن مسعود وأبي الدرداء على تحريف القرآن

السؤال

حديث: حدثنا هناد، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال : (قدمنا الشام، فأتانا أبو الدرداء، فقال أفيكم أحد يقرأ علي قراءة عبد الله، قال فأشاروا إلي، فقلت: نعم أنا، قال: كيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية: والليل إذا يغشى؟ قال: قلت سمعته يقرأها والليل إذا يغشى، والذكر والأنثى، فقال أبو الدرداء: وأنا والله هكذا سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها، وهؤلاء يريدونني أن أقرأها وما خلق، فلا أتابعهم، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وهكذا قراءة عبد الله بن مسعود: والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى). أليس هذا الحديث دليل على تحريف القرآن الكريم والعياذ بالله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن هذا الحديث صحيح عن أبي الدرداء، فقد أخرج مسلم في صحيحه والأصبهاني في المستخرج على صحيح مسلم وأبو عوانة في مسنده.

ولكنه وإن صح سنده عن أبي الدرداء -لا يدل على تحريف القرآن معاذ الله-، فإن القرآن محفوظ من التحريف والتبديل، فقد تعهد الله تعالى بحفظه. قال الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر:9}.

ثم إن أهل العلم تكلموا على توجيه ما روي عن ابن مسعود وأبي الدرداء -رضي الله عنهما- في هذا الأثر.

فذكر النووي في شرح مسلم أن المازري قال: يَجِبُ أَنْ يُعْتَقَدَ فِي هَذَا الْخَبَرِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قُرْآنًا ثُمَّ نُسِخَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَنْ خَالَفَ النَّسْخَ فَبَقِيَ عَلَى النَّسْخِ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا وَقَعَ مِنْ بَعْضِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُمْ مُصْحَفُ عُثْمَانَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ الْمَحْذُوفُ مِنْهُ كُلُّ مَنْسُوخٍ.

وَأَمَّا بَعْدَ ظُهُورِ مُصْحَفِ عُثْمَانَ فَلَا يُظَنُّ بأحد منهم أنه خالف فيه وأما بن مَسْعُودٍ فَرُوِيَتْ عَنْهُ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ وَمَا ثَبَتَ مِنْهَا مُخَالِفًا لِمَا قُلْنَاهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ فِي مُصْحَفِهِ بَعْضَ الْأَحْكَامِ وَالتَّفَاسِيرِ مِمَّا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْآنٍ وَكَانَ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ ذَلِكَ وَكَانَ يَرَاهُ كَصَحِيفَةٍ يُثْبِتُ فِيهَا مَا يَشَاءُ وَكَانَ رَأْيُ عُثْمَانَ وَالْجَمَاعَةِ مَنْعَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَتَطَاوَلَ الزَّمَانُ وَيَظُنَّ ذَلِكَ قُرْآنًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني