الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إسماعيل وإسحاق ابنا إبراهيم، وإسحاق والد يعقوب

السؤال

وجدت هذا الحديث علي إحدى مواقع النصارى وفيه تشكيك بالقرآن تحت عنوان أخطاء القرآن وأريد ردا عليه مع العلم بأني مسلم ولله الحمد: أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ. البقرة 133كما هو واضح من الآية فإن أبناء يعقوب (أسباط إسرائيل) يجيبون سؤال أبيهم حول من سيكون معبودهم بعد وفاة أبيهم بأنه إله يعقوب (أبوهم) وإله آباء يعقوب الذين هم بحسب الآية إبراهيم، إسماعيل، إسحاق.كلنا نعرف بأن إسماعيل وإسحاق إخوة من أب واحد هو إبراهيم. ونعرف أيضا بأن أبا يعقوب هو إسحاق، وطبعاً إسماعيل هو عم يعقوب.لكن القرآن يأبى أن يكون إسماعيل مجرد عم ويضعه في خانة الآباء، مخالفاً بذلك آيات سابقات تبين استحالة أن يكون إسماعيل أباً ليعقوب، وأيضاً مخالفاً للتوراة والإنجيل، لا تغضب عزيزي القارئ، ولا تتهمني بعدم فهم عادات العرب، أغلبكم سيقول إن العم بمثابة الأب، لهذا وضع القرآن إسماعيل في خانة الآباء لكونه عم يعقوب، كلام جميل، فقط لو لم تكن هناك آراء أخرى لا يدري بها أغلب القراء، أنت تعرف بأن هناك عدة قراءات للقرآن، ربما لم تتطلع عليها بنفسك. دعني أخبرك بهذه القراءات. القراءات القرآنية:قرأ ابن عباس، الحسن، ابن يعمر، أبو رجاء، عاصم الجحدري هذه الآية "وإله أبيك إبراهيم": أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبيكَ إِبْرَاهِيمَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ.قرأ أبي الآية "وإله إبراهيم": أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن القرآن الكريم أثبت كون إسماعيل وإسحاق ولدي إبراهيم كما تفيده الآيات الواردة في سورة الصافات عند قصة إبراهيم، وبناء عليه فإن إسحاق هو والد يعقوب كما يفيده حديث البخاري: الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

وأما إسماعيل فهو عمه ولكن العم يطلق عليه أب في لغة العرب كما يفيده الحديث: العم والد. رواه الطبراني، وحسَّن الهيثمي والألباني سنده.

وروى ابن أبي حاتم عن أبي العالية ومحمد بن كعب في تفسير هذه الآية أنه سمى العم أبا.

وأما قراءة وإله أبيك فإنها ليست قراءة متواترة، ومع ذلك فليس فيها ما يُنكَر فقد بين أهل العلم توجيهها، فقد ذكر القرطبي والشوكاني في تفسيريهما وجهين في توجيهها: الأول: أن يراد بأبيك إبراهيم، إبراهيم وحده والعرب تطلق على الجد أباً، وعلى هذا فقد عطف كلمة إسماعيل على كلمة أبيك فيكون المعنى وإله أبيك وإله إسماعيل.

والثاني: أن تكون كلمة أبيك أصلها أبين جمع مذكر سالم لأب وحذفت النون للإضافة وهو مذهب إمام النحاة سيبويه، فقد حكى عن العرب أنهم يجمعون كلمة أب فيقولون: أبون وأبين، ومن هذا قول الشاعر:

فلما تبين أصواتنا * بكين وفديننا بالأبينا

وأما قراءة وإله إبراهيم فهي شاذة أيضاً ولكن معناها واضح، وأقصى ما فيها أنها حذفت منها كلمة أبائك، ولا أشكال في هذا فإن القراءات العشر المتواترة قد تثبت كلمة في إحداها وتحذف في أخرى، كما هو معروف عند أهل الفن، ومن أمثلته هو في قوله تعالى: وهو الغني الحميد {الحديد:24} في قراءة الجمهور وهي غير موجودة في قراءة نافع وابن عامر. ومن أمثلته "مِن" في قوله تعالى في سورة يونس: تجري من تحتها الأنهار، في قراءة ابن كثير وهي غير موجودة في قراءة الجمهور.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني