الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الصغير الذي مات ولم يعق عنه لا يشفع لوالديه

السؤال

الأطفال الذين يتوفون بعد الولاده بفترة أشهر ولم نعمل لهم عقيقه هل يشفعون لوالديهم أم يجب ان تعمل لهم ولو بعد الوفاة وشكراً

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإن ما ذكر في السؤال قد ذكره العلماء نقلاً عن الإمام أحمد بن حنبل عند شرحهم لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل غلام رهينة بعقيقته" رواه أصحاب السنن. قال ابن القيم: قال الإمام أحمد: معناه محبوس عن الشفاعة في أبويه. والرهن في اللغة الحبس، قال تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة) [المدثر: 38] وظاهر الحديث أنه رهينة في نفسه، ممنوع محبوس عن خير يراد به. ولا يلزم من ذلك أن يعاقب على ذلك في الآخرة. وإن حبس بترك أبويه العقيقة عما يناله من عقَّ عنه أبواه، وقد يفوت الولد خير بسبب تفريط الأبوين وإن لم يكن من كسبه، كما أن الجماع إذا سمى أبوه لم يضرَّ الشيطان ولده، وإذا ترك التسمية لم يحصل للولد هذا الحفظ. وأيضا فإن هذا إنما يدل على أنها لازمة لابد منها، فشبه لزومها وعدم انفكاك المولود عنها بالرهن".
فقد نقل الحافظ ابن حجر عن الخطابي أنه قال: "اختلف الناس في هذا، وأجود ما قيل فيه: ما ذهب إليه أحمد بن حنبل قال: هذا في الشفاعة، يريد أنه إذا لم يعق عنه فمات طفلاً لم يشفع في أبويه، وقيل: معناه إن العقيقة لازمة لابد منها، فشبّه المولود في لزومها وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن، وهذا يقوي قول من قال بالوجوب، وقيل: المعنى: إنه مرهون بأذى شعره، ولذلك جاء "فأميطوا عنه الأذى" انتهى.
قال الحافظ ابن حجر: والذي نقل عن أحمد قاله عطاء الخرساني، أسنده عنه البيهقي..إلخ.
كتاب العقيقة. ونُقل هذا الكلام أيضاً في تحفة الأحوذي شرح سنن الترمذي، وعون المعبود شرح سنن أبي دواد.
والحق أن العقيقة سنة مؤكدة عند جمهور العلماء بمن فيهم الحنابلة في المذهب، وقيل واجبة في رواية عن الإمام أحمد. وممن قال بوجوب العقيقة الظاهرية.
وبناءً على ما تقدم فإنه يستحب للأب أن يعق عن أبنائه الثلاثة، إذا كان قادراً، لما في ذلك من الثواب والأجر العظيم، وخروجاً من الخلاف. قال النووي: لو مات المولود بعد اليوم السابع بعد التمكن من الذبح فوجهان حكاهما الرافعي، أصحهما: يستحب أن يعق عنه، والثاني يسقط بالموت. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني