الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التصرف اللائق تجاه من كذب عليك

السؤال

فإن سؤالي عن الكذب عموما وخصوصاً عندما يكذب عليك أحد هو عزيز على قلبك وخاصة عندما يكون ابن خالتك، وهذا ابن الخالة عندما يكذب ويجرح قلبك فما جوابي (ماذا أرد عليه بعد أن كذب علي)، هل أسبه ولا أكلمه أبداً طول الدهر أم ماذا، وأرجو من فضيلتكم التكرم بالجواب على هذا السؤال؟ وفائق شكري وتقديري لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الكذب خطير وشره مستطير وهو كبيرة من الكبائر التي يجب على المسلم الحذر منها والابتعاد عنها، ففي حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور أو قول الزور، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت. متفق عليه واللفظ لمسلم.

فإذا كذب عليك أحد من الناس وعلمت كذبه فالواجب عليك نصحه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر وتحذيره من خطورة الكذب، وتذكر له قول النبي صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً... وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. متفق عليه واللفظ لمسلم.

سيما إذا كان الكاذب عليك من أهلك وإخوانك المقربين منك فنصحهم آكد والحرص على هدايتهم وصلاحهم أولى، قال الله تعالى: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ {الشعراء:214}، فالأقربون أولى بالمعروف.

وأما هجره فلا ينبغي، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. متفق عليه، وكذلك سبابه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.

وقد بينا أن صاحب المعاصي لا ينبغي هجره إلا إذا غلب على الظن أن في هجره مصلحة، وإذا وقع فليكن بقدر الحاجة والمصلحة، فهو وسيلة من وسائل تغيير المنكر، فلا ينبغي استخدامه إلا في محله، وانظر الفتوى رقم: 7119.

وقد وعد الله العافين عن الناس والكاظمين الغيظ بالأجر الكبير والخير الوفير: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}، فالذي ننصحك به أن لا تهجره ولا تقاطعه، بل بين له الحق وحذره من الكذب والخديعة واعف عنه واحتسب على الله أجر العافين.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني