الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحكام القهقهة في الصلاة

السؤال

ما حكم من قهقه في صلاة المغرب وهو مأموم؟ وهل يحمل الإمام وزره؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن صدرت منه قهقهة أثناء الصلاة فصلاته باطلة.

ففي المجموع للنووي وهو شافعي: وأما الضحك والبكاء والأنين والتأوه والنفخ ونحوها، فإن بان منه حرفان بطلت صلاته وإلا فلا، وسواء بكى للدنيا أو للآخرة. انتهى

وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: وإن ضحك فبان حرفان فسدت صلاته، وكذلك إن قهقه ولم يكن حرفان. وبهذا قال جابر بن عبد الله، وعطاء، ومجاهد، والحسن، وقتادة، والنخعي، والأوزاعي، والشافعي، وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه مخالفا. قال ابن المنذر: أجمعوا على أن الضحك يفسد الصلاة. انتهى.

وقال المواق في التاج والإكليل وهو مالكي: من المدونة قال مالك: إن قهقه المصلي قطع وابتدأ. انتهى

وعند الحنفية أن القهقهة تبطل الوضوء والصلاة, قال الكاساني في بدائع الصنائع -وهو حنفي- متحدثا عن مبطلات الصلاة: (ومنها) القهقهة عامدا كان أو ناسيا; لأن القهقهة في الصلاة أفحش من الكلام, ألا ترى أنها تنقض الوضوء والكلام لا ينقض, ثم لما جعل الكلام قاطعا للصلاة ولم يفصل فيه بين العمد والسهو فالقهقهة أولى. انتهى

وعند المالكية إذا ضحك المأموم تمادى وجوبا على صلاته الباطلة خلف الإمام بالشروط التالية:

1ـ إذا لم يقدر على ترك الضحك غلبة أو نسيانا.

2ـ إذا لم تكن الصلاة جمعة.

3 ـ إذا لم يترتب على تماديه ضحك غيره من المأمومين.

4ـ أن يكون الوقت متسعا لقضاء الصلاة بعد سلام الإمام.

قال محمد عليش في منح الجليل وهو مالكي: (وتمادى) وجوبا الشخص (المأموم) المقهقه في صلاته مع إمامه الباطلة لحق الإمام واحتياطا للصلاة لحرمتها إذ قد قيل بصحتها ( إن لم يقدر ) المأموم حال ضحكه (على الترك) من ابتدائه إلى انتهائه، بأن كان كله غلبة من أوله لآخره أو نسيانا كذلك، فإن قدر على تركه بأن ابتدأه مختارا أو غلبة أو نسيانا وأمكنه تركه بعد ذلك فتمادى فيه فلا يتمادى؛ بل يقطع ويبتدئ مع إمامه، ولم تكن الصلاة التي ضحك فيها جمعة وإلا قطعها وابتدأها لئلا تفوته، ولم يلزم على تماديه ضحك غيره من المأمومين كلا أو بعضا، وإلا قطع وخرج منهم واتسع الوقت؛ وإلا قطع وابتدأ. انتهى

والقهقهة لا تنقض الوضوء عند جمهور أهل العلم؛ لكن قوى شيخ الإسلام ابن تيمية استحباب الوضوء منها حيث قال فى الفتاوى الكبرى: مسألة: في رجل ضحك في الصلاة. فهل تبطل صلاته أم لا ؟. الجواب: أما التبسم فلا يبطل الصلاة، وأما إذا قهقه في الصلاة فإنها تبطل، ولا ينتقض وضوؤه عند الجمهور كمالك والشافعي وأحمد ; لكن يستحب له أن يتوضأ في أقوى الوجهين، لكونه أذنب ذنبا، وللخروج من الخلاف، فإن مذهب أبي حنيفة ينتقض وضوؤه، والله أعلم. انتهى

وإذا كان الشخص قد ضحك في الصلاة غلبة ولم يكن له سبب في جلب الضحك المذكور فالإثم مرفوع عنه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه.

وإن تعمد الضحك فقد وقع في إثم عظيم وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله تعالى, ولا يتحمل عنه الإمام تلك المعصية لقوله: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني