الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شرح حديث "لا تباغضوا ولا تحاسدوا.."

السؤال

شرح حديث لا تباغضوا ولا تحاسدوا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنص الحديث كما عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تحاسدوا, ولا تباغضوا, ولا تجسسوا, ولا تحسسوا, ولا تناجشوا, وكونوا عباد الله إخوانا . وأخرجه البخاري بألفاظ وروايات متعددة.

وأما معناه فقد نهى فيه النبي صلى الله عليه وسلم أمته عن هذه الأعمال السيئة التي تؤدي إلى الشحناء والبغضاء بينهم ، قال المناوي في فيض القدير مفسرا له : ( لا تحاسدوا ) أي لا يتمنى أحد منكم زوال النعمة عن غيره وهو قريب من التنافس, وفي رواية لا تقاطعوا ولا تدابروا. قال في العارضة : المقاطعة ترك الحقوق الواجبة بين الناس تكون عامة وتكون خاصة ( ولا تباغضوا ) أي لا تتعاطوا أسباب البغض لأنه لا يكتسب ابتداء ( ولا تجسسوا ) بجيم أي لا تتعرفوا خبر الناس بلطف كالجاسوس. وقال القاضي : التجسس بالجيم تعرف الخبر ومنه الجاسوس. وقال الزمخشري : التجسس أن لا يترك عباد الله تحت ستره فيتوصل إلى الاطلاع عليهم والتجسس على أحوالهم وهتك الستر حتى ينكشف لك ما كان مستورا عنك, ويستثنى منه ما لو تعين طريقا لإنقاذ محترم من هلاك أو نحوه؛ كأن يخبر ثقة بأن فلانا خلا برجل ليقتله، أو امرأة ليزني بها، فيشرع التجسس كما نقله النووي عن الأحكام السلطانية واستجاده ( ولا تحسسوا ) بحاء مهملة أي لا تطلبوا الشيء بالحاسة كاستراق السمع وإبصار الشيء خفية. وقيل الأول التفحص عن عورات الناس وبواطن أمورهم بنفسه أو بغيره، والثاني أن يتولاه بنفسه, وقيل الأول يختص بالشر، والثاني أعم (ولا تناجشوا) من النجش . قال القاضي : التناجش أن يزيد هذا على هذا وذاك على ذاك في البيع. وقيل المراد بالحديث النهي عن إغراء بعضهم بعضا على الشر والخصومة. وفي رواية ( ولا تدابروا ) أي تتقاطعوا من الدبر فإن كلا منهما يولي صاحبه دبره . قال في العارضة : التدابر أن يولي كل منهم صاحبه دبره محسوسا بالأبدان أو معقولا بالعقائد والآراء والأقوال. قال ابن القيم : والفرق بين المنافسة والحسد أن المنافسة المبادرة إلى الكمال الذي تشاهده في غيرك لتنافسه فيه لتلحقه أو تجاوزه فهو من شرف النفس وعلو الهمة وكبر القدر, والحسد خلق نفس ذميمة وضعيفة ليس فيها حرص على الخير ( وكونوا عباد الله ) بحذف حرف النداء ( إخوانا ) أي اكتسبوا ما تصيرون به إخوانا مما ذكر وغيره, فإذا تركتم ذلك كنتم إخوانا, وإذا لم تتركوه صرتم أعداء.انتهى منه بتصرف . وهذا هو معنى الحديث .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني