الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بطلان عقد النكاح إذا حصل الإيجاب والقبول كتابة فقط

السؤال

أنا من الجزائر، عقدت عقد زواج إداري فقط مع فتاة أوروبية في بلدي، وذلك بحضور ولي الفتاة وشاهدين ولم نتكلم عن المهر ولم نقم بنطق صيغة الإيجاب والقبول، وإنما أمضينا عقد زواج فقط، وقد أبرمه رئيس البلدية بحضور الشهود وولي الفتاة التي وكلته كجميع الناس هنا، فدخلت بها في اليوم الذي أبرمنا فيه عقد الزواج وجامعتها، وبما أن الفتاة تقيم في أوروبا غادرت اليوم التالي، وبعد مدة تبين أنها حامل ثم جاءت إلى بلدي وهي حامل في الشهر الرابع للقيام بما يسمونه هنا بالفاتحة حيث يقوم الإمام بالتزويج الشرعي وذهب أبي وشاهدان ولم أذهب وقاموا بإتمام الزواج ولم أوكل أبي كي يقوم بصيغة الإيجاب والقبول، لأنني لم أذهب معهم، فما هو حكم زواجي؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأكثر أهل العلم على بطلان عقد النكاح إذا حصل الإيجاب والقبول كتابة فقط دون لفظ من العاقدين، وذهب بعضهم إلى صحته، جاء في الفتاوى الهندية من كتب الحنفية: وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ الْحَاضِرَيْنِ فَلَوْ كَتَبَ تَزَوَّجْتُكِ فَكَتَبَتْ قَبِلْتُ، لَمْ يَنْعَقِدْ، هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.

وقال الشيخ الدردير المالكي رحمه الله: وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ وَلَا الْكِتَابَةُ إلَّا لِضَرُورَةِ خَرَسٍ.

وقال الهيتمي الشافعي رحمه الله: وَلَا يَنْعَقِدُ بِكِتَابَةٍ فِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورٍ، لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ.

وقال المرداوي الحنبلي رحمه الله: اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، لَا غَيْرُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، مِنْهُمْ: صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَيَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا...... وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ نِكَاحًا، بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ وَفِعْلٍ كَانَ.

وعليه، فالعقد الأول غير صحيح عند جماهير العلماء، أما العقد الذي باشره أبوك بغير توكيل منك مع رضاك به ففي صحته خلاف، قال المرداوي رحمه الله: لَوْ تَزَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَقِيلَ: هُوَ كَفُضُولِيٍّ، فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ.

مع التنبيه إلى أن التوكيل لا يستلزم حضورك وقت العقد، وإنما يحصل بإذنك لوالدك في إجراء العقد بأي لفظ يدل عليه، قال ابن قدامة رحمه الله: ويجوز الإيجاب بكل لفظ دل على الإذن، نحو أن يأمره بفعل شيء، أو يقول: أذنت لك في فعله ........ ويجوز القبول بقوله: قبلت، وكل لفظ دل عليه، ويجوز بكل فعل دل على القبول، نحو أن يفعل ما أمره بفعله. هـ باختصار.

فإن كان حصل منك توكيل لأبيك على هذا النحو فالعقد صحيح بلا إشكال، وإن لم تكن وكلته فالأحوط أن تجدد العقد، وأما الحمل الذي حصل بعد العقد الأول فهو لاحق بك بكل حال ما دمت قد اعتقدت صحة الزواج، وانظر الفتويين رقم: 22652، ورقم: 143545.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني