الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا اعتبار بالخلوة ولا نية الزوجة في الرجعة

السؤال

تزوجت من رجل متزوج زوجة في بلد، وأنا في بلد مختلف، وكان لا يعدل بيننا. في يوم أرسلت له ولزوجته رسائل سب عبر الجوال من رقم مجهول، رد عليَّ برسالة طلاق، تجاهلت الرسالة، اتصل بي للتأكيد فنفيت ذلك. جاءني بعد فترة، وقال لي: أنت أرسلت الرسائل وأنا رددت بالطلاق، ونحن الآن في فترة العدة، واعترافك بالخطأ الآن ونحن في العدة يمكن أن نعود بدون أن يدري أحد، فأصررت على الرفض، وحرصت على المعاشرة معه، لكن تمت الخلوة، ولم تتم المعاشرة لأسباب شرعية. فهل يعني ذلك أنني عدت له وتكفي الخلوة؟ مع العلم أن الخلوة تمت ونيتي الإرجاع، لكن ليس بنيته هو.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنريد أولا التنبيه إلى أنك قد أخطأت خطأين، الأول: ما قمت به من إرسال رسائل السب إلى زوجك وزوجته؛ فقد جاء في الحديث قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر. متفق عليه.
والثاني: ما تماديت عليه من الإصرار على عدم الاعتراف، فكان ينبغي أن تعترفي بخطئك طالبة المسامحة من زوجك، خصوصا بعد ما عرفت منه أن ذلك سيكون سببا في ارتجاعك.

وعلى أية حال فإن مجرد خلوة الرجل بامرأته المطلقة طلاقا رجعيا في عدتها لا تكفي لحصول الرجعة عند جماهير أهل العلم ، ولا أثر لنية الإرجاع من الزوجة. قال الموفق بن قدامة : فَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِهَا، فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاسْتِمْتَاعٍ. وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الْخَطَّابِ. وَحُكِيَ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا، أَنَّ الرَّجْعَةَ تَحْصُلُ بِهِ. انتهى من المغني.
والراجح ما ذهب إليه الجمهور من عدم حصول الرجعة بالخلوة مطلقا ، وقد بين الموفق وجه الترجيح بقوله: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ الرَّجْعَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُبْطِلُ اخْتِيَارَ الْمُشْتَرِي لِلْأَمَةِ، فَلَمْ تَكُنْ رَجْعَةً، . انتهى من المغني. وقرره البهوتي بقوله : لِأَنَّ ذَلِكَ كُلّه لَيْسَ فِي مَعْنَى الْوَطْءِ، إذْ الْوَطْء يَدُلُّ عَلَى ارْتِجَاعِهَا دَلَالَةً ظَاهِرَةً بِخِلَافِ مَا ذُكِر. انتهى من كشاف القناع.

كما أنه لا أثر لما ذكرته من أن الخلوة قد تمت ونيتك الرجوع إلى زوجك؛ فإن نية الزوجة لا اعتبار لها في الرجعة.

وكنا قد بينا ما تحصل به الرجعة عند أهل كل مذهب فراجعي فتوانا رقم: 30719، بعنوان: أقوال العلماء في كيفية حصول الرجعة.

وراجعي أيضا فتاوانا ذوات الأرقام: 8102، 190709، 212374 للمزيد من الفائدة.


والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني