الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل تتحقق صلة الأم عبر وسائل الاتصال الحديثة، وهي يكون المريض عاقا بترك الزواج

السؤال

أنا شخص مغترب عن البلد منذ سنوات، وأنا رجل عزب، وذلك لمرض عضال لايرجى شفاؤه، لديّ أمي - حفظها الله - وأنا أكلمها كل أسبوع على النت بالكاميرا، ولكن ما يقلقني فعلا هل أنا عاق لها لأني لم أزرها منذ أربع سنوات، وذلك لأني أخشى من نظرات الشفقة والسخرية ونظرات الاتهام بعدم الرجولة؛ لأني لم أتزوج وأنا في هذا العمر المتقدم، وكذلك لظروف أخرى، وكذلك أخاف إلحاح أمي وإخوتي على تزويجي، وأنا لا أستطيع لأجل هذا المرض الخبيث، والذي لا أستطيع أن أبوح به لأنه فعلا مخجل، ولن يصدقوني لو بحت به، على كل حال أمي راضية علي، ودوما تدعو لي بالخير، ولكن هل عدم تلبية رغبتها بأن أتزوج، وعدم زيارتي لها يعتبر عقوقا؟ أجيبوني، جزاكم الله خيرا، فأنا أتحسر.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإذا كانت الوالدة لا تتأذى بعدم زيارتك لها، ولا تحتاج إليك في رعايتها، فلا يعتبر عدم زيارتك لها من العقوق - إن شاء الله -، لا سيما وأنها راضية عنك كما ذكرت. فقد عرف الحافظ ابن حجر العسقلاني عقوق الوالد لوالديه بـ:"أن يحصل لهما أو لأحدهما أذى ليس بالهين عُرفًا ".
وصلة الأم لا تتحتم أن تكون بالزيارة ، بل تحصل بكل ما تحصل به الصلة في عرف الناس وتنتفي معه القطيعة ، ومن ذلك التواصل عبر وسائل الاتصال الحديثة التي منّ الله بها علينا، لا سيما التي تجمع بين الصوت والصورة. وينظر تقرير مرجعية العرف في تحديد الصلة الواجبة للأرحام في الفتوى رقم : 245188.
وفي خصوص الداء العضال المذكور، فإن كان من العيوب التي تضر بالمرأة، وتمنع معاشرتها بالمعروف ـ كما يفهم من كلام السائل ـ فإنه في هذه الحالة إذا لم يخش الوقوع في الزنا، فإن النكاح يحرم عليه.

جاء في الموسوعة الفقهية في بيان حرمة النكاح في هذه الحالة: وَيَكُونُ حَرَامًا : إذَا كَانَ الْمَرْءُ فِي حَالَةٍ يَتَيَقَّنُ فِيهَا عَدَمَ الْقِيَامِ بِأُمُورِ الزَّوْجِيَّةِ وَالْإِضْرَارَ بِالْمَرْأَةِ إذَا هُوَ تَزَوَّجَ. اهـ

وقد بينا هذا الحكم بشيء من التفصيل في فتاوى سابقة، ولك مراجعة فتوانا رقم: 124296 بعنوان: قد يكون الزواج حراما.

وإذا كان الزواج حراما في حق السائل فإنه لا يكون عاقا بتركه عندئذ، لأنه لا طاعة للوالدين في ارتكاب الحرام، والطاعة مقيدة بالمعروف ، قال النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ : إنما الطاعة في المعروف . متفق عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني