الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الشرع ممن قال كلمة الكفر مختاراً بغير اعتقاد

السؤال

أنا طالب جامعي أبحث عن عمل لأنني أرغب في توقيف الدراسة بسبب دخل الأب الذي لا يكفي فاتصلت بعدة جمعيات خيرية فتلقيت الرفض، وعندما وضعت عنواني في إحدى مجلات الجامعة تلقيت رسالة من عند جمعيات نشر المسيحية وعرضوا علي عملا مغريا في أوروبا بشرط أن أدخل النصرانية، وسؤالي: هل يجوز لي أن أدعي بأنني نصرانيي لأحصل على العمل لأني بحاجة ماسة للمال ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإنه لا يجوز لمسلم أن يتلفظ بلفظ الكفر إلا عند الضرورة، كما قال الله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106].
والضرورة هنا قتل محقق أو فقد عضو ونحو ذلك، ولأن يموت المسلم جوعاً خير له من أن يتلفظ بالكفر، ومن قال كلمة الكفر مختاراً كفر بذلك ولو لم يعتقد معناها، أو كان هازلاً بها، أو حمله على ذلك رغبة في مال أو متاع، وراجع الفتوى رقم: 721
وعليه؛ فلا يجوز لك قبول هذا العرض الدنيء ولا أن تفكر فيه، فأي شيء أدرك من فاته رضا الله؟! وأي شيء فات من أدرك رضا الله تعالى وتوفيقه.
وانظر إلى فعل كعب بن مالك رضي الله عنه حينما تخلف هو وثلاثة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن غزوة تبوك وأمر الرسول ألا يحدثهم أحد وظل هكذا خمسين يوماً حتى قال: لقد تنكرت له الأرض وطالت عليه جفوة الناس.. وفي هذه اللحظات العصيبة يأتيه مثل الذي جاءك نبطي من أنباط الشام، فدفع إليه كتاباً من ملك غسان فإذا فيه: أما بعد فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مذلة فالحق بنا نواسك فقال كعب لما قرأها: وهذا أيضاً من البلاء! فتيممت بها التنور فسجرته بها. رواه البخاري. وغيره.
فلا تتردد أخي الكريم أن تكون أن تكون مثل كعب رضي الله عنه قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، فإن الردة عن الإسلام هي أعظم ما عصي الله به، وهي موجبة لحبوط العمل، وربما كان عقبها حلول الأجل، فيقدم العبد على ربه وقد سخط عليه وجعل مصيره نار جهنم خالداً مخلداً فيها.
وعليك بتقوى الله تعالى وسؤاله والالتجاء إليه، فإن مفاتيح الرزق بيده سبحانه....
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني