الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من خلق الخير والشر

السؤال

السلام عليكم
هناك عدة أسئلة محيرة لي: لماذا خلق الله الشر؟ إذا كان الله خالق كل شيء فلابد أن يكون خالق الشر؟ ثانيا كيف يأمرنا الله بفعل الخير وهو يخلق الشر؟ أليس من الأفضل خلق إنسان يفعل الخير فقط ؟
جزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فيا أخي الكريم: بادئ ذي بدء ينبغي عليك أن تعلم أن فتح الباب لمثل هذه الأسئلة على نفسك قد يوقعك في كثير من الشكوك والحيرة التي لا حدود لها.. والذي ينبغي في حقك أن تسلم بأقدار الله تعالى وتؤمن بها خيرها وشرها حلوها ومرها، فهذا أصل عظيم من أصول أهل السنة والجماعة ألا وهو الإيمان بالقدر. ثم اعلم أن أهل العلم قد ذكروا أنه ليس من الأدب أن يوصف الله بأنه أراد الشر بعباده وإن كان سبحانه هو خالقه وموجده. ويستدلون بمثل قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) [الشعراء:80]، وبمثل قول الجن كما في سورة الجن: (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) [الجـن:10]، فنبي الله إبراهيم لم يقل وإذا أمرضني، والجن لما ذكروا الشر ذكروه بالفعل المبني للمجهول، ولما ذكروا الخير أضافوه إلى ربهم وهذا من أدبهم، وقد ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بالدعاء المأثور في قيام الليل ومنه: "والشر ليس إليك". فإذا قال قائل: إننا نرى مثلاً بعض الشرور تحصل، وذلك كالأمراض، وكذلك نرى المعاصي والفجور وغير ذلك، فيقال أولاً: إن أفعال الله سبحانه وتعالى كلها خير وحكمة وليس فيها شر بإطلاق، وإن كانت شراً على بعض الخلق بسبب كسبهم واختيارهم. ثانياً: الشر هذا الذي نراه إنما هو في مقدوراته ومفعولاته، ويوضح هذا أننا نجد في بعض المخلوقات المقدورات شراً كالحيات والعقارب، ونجد الأمراض والفقر والجدب وما أشبه ذلك، فكل هذه بالنسبة للإنسان شرا لأنها لا تلائمه، لكن باعتبار نسبتها إلى الله هي خير لأن الله لم يقدرها إلا لحكمة عرفها من عرفها وجهلها من جهلها. وليس هذا موضع تفصيل، لكن عليك أخي بمعرفة هذا القدر، ثم اعلم أن الله تعالى قد أرشدنا في كتابه أن لا نقحم أنفسنا بمثل هذه التساؤلات وإنما علينا الانقياد والتسليم، قال الله تعالى: (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)[الأنبياء:23] . والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني