الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الغيرة في غير ريبة وبدون تثبت أمر مبغوض

السؤال

أنا مغتربة مع زوجي، وعند عودتي إلى بلدي وحدي أنا وابني جاء والد زوجي لأخذي من المطار، وأنا معي طفل رضيع أحمله، فاضطررت أن أستعين بأحد عمال المطار لإحضار الشنط لي وتوصيلي لوالد زوجي وسألني العامل إلى أين تريدين أن أوصل لك الشنط؟ فقلت له إن أبي في انتظاري ولكني لا أعلم أين ينتظرني بالتحديد، فقال لي سأوصل لك الشنط إلى حيث تريدين، ووجدت والد زوجي وهو رأى العامل يحدثني فظن أنه يعاكسني وبدا يشكك في سلوكي، وأنا لم أرد عليه هذه الإساءة احتراما له لأنه في مكانة والدي رحمه الله، وأخبر زوجي بهذا الموقف وزوجي صدقه بدون أن يسمع مني ما حدث، والله يشهد ان ما قلته هو الذي دار بيني وبين هذا العامل ليس أكثر، وهذه أول مرة لي أسافر وحدي فلا أعلم ما الذي ينبغي علي فعله، فاضطررت أن أستعين بهذا العامل، فما حكم والد زوجي؟ مع العلم أنه بطبعه شديد الغيرة ومعروف عنه شكه الدائم في ابنته وزوجته وأخواته البنات.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان الواقع ما ذكرت فما قام به والد زوجك أمر سيئ وسوء ظن، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ... الآية {الحجرات:12}، وقال سبحانه: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}، ومثل هذا النوع من الغيرة لا يحبه الله تعالى، وهي الغيرة في غير ريبة؛ كما بينا في الفتوى رقم: 75940.

ومن المنكر أن يصدق زوجك أباه دون أن يتبين حقيقة ما حدث، فقد قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {الحجرات:6}، ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 111948.

وقد أحسنت حين صبرت على والد زوجك ولم تردي عليه قوله، واحرصي على التفاهم مع زوجك بروية حذرا من أن يستغل الشيطان هذا الموقف فيوقع بينكما العداوة والبغضاء، ويحصل ما لا تحمد عقباه.

وننبه إلى أنه لا يجوز للمرأة السفر دون محرم لغير ضرورة لورود النهي عن ذلك في السنة النبوية الصحيحة، ومن خلال هذا الموقف الذي حدث لك ندرك حكمة الشرع في التشديد في سفر المرأة بلا محرم، وراجعي للمزيد الفتوى رقم: 6219، والأولى بالمسلم أن يجتنب مواطن الشبهات قدر الإمكان، وراجعي الفتوى رقم: 55903.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني