الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أنا شاب متزوج، عمري 25عاماً، تزوجت ابنة خالتي (ذات 23 عاماً) منذ سنة وعشرة أشهر، علما أن خالتي (أم زوجتي) توفيت قبل قرابة 9سنوات. كانت زوجتي تعاني من ثقب في القلب، وكنت أعلم بهذا، وأعمل على علاجها.
بعد زواجنا ب 4 أشهر، اكتشفت أن لديها مشكلة نفسية، تتلخص في الاكتئاب، والشك، والقلق. وتتهمني دائما بأنني أخونها، وتعكر صفو حياتنا بشكل كبير جداً.
قررت علاجها، وما زلت أعالجها منذ سنة وخمسة أشهر تقريبا إلى الآن. خلال هذه المدة حملت مرتين، وتعرضت للإجهاض، نتيجة حالتها النفسية، وتوقفها عن العلاج، وربما لأسباب أخرى صحية. بعد ذلك اكتشفت أنها تعاني من مرض وراثي، وهو عبارة عن تكيس في الكلى، ولم تكن تعلم بوجوده على حد علمها، لا هي، ولا أهلها.
وأيضا اكتشفت أن لديها مرضا وراثيا، وهو عبارة عن القدم المسطحة، حيث إنها تعاني من آلام في ركبتها وقدمها، ولا يمكن علاجها نهائيا إلا بأخذ مسكنات لتخفيف الألم، وعدم المشي كثيرا، لتفادي حصول الألم.
فيما يتعلق بالمرض النفسي، ولكي أكون صادقاً مع نفسي، فلقد تحسنت، وأصبحت أفضل من السابق ولله الحمد، بفضل من الله، وحاليا أوصى طبيبها المعالج بتخفيف الجرعة تدريجيا، ولكن ما زالت لم تشف تماما، وعادت إليها الشكوك، في أنني أخونها، وعلى علاقة بنساء أخريات، وأسعى إلى الاختلاط بالنساء، وهذا غير صحيح. فإنني مخلص لها، وأقدمها على نفسي دائما، ولكن دون جدوى.
وأضيف أنها لا تملك المهارة الكافية في إعداد الطعام لنا، فأحيانا يكون الطعام محروقا، وأحيانا كثير الملح، وأحيانا يكون جيدا، وأحيانا يكون ممتازا، ولا تجيد الاهتمام، وترتيب بيتها كما يجب، ولا حتى العناية الشخصية بجسدها، ففي أغلب الأحيان لا تستحم إلا إذا وقع بيننا الجماع، ودائما أنصحها بأن تعتني بهذا الجانب، ولكن بدون جدوى.
مؤخرا حصل بيننا خلاف، واستفزتني؛ فضربتها بشكل بسيط، ولم يكن الهدف الانتقام منها، ولكن لتهذيبها فقط بسبب رفع صوتها العالي جدا، لدرجة أن الجيران يستطيعون سماعنا باستمرار عند وجود خلافات بيننا. وأعلم أنني مخطئ في هذا الشيء. وقد اعتذرت لها، وأقسمت لها ألا أعاود ضربها مرة أخرى.
مؤخرا سافرت طبيبتها التي تعالجها، وذهبنا إلى طبيب آخر. وبعد فترة غير علاجها، وانتكست بشكل كبير جدا، ونتيجة لشكوكها المتواصلة في، نشأت بيننا خلافات أدت إلى تعكير حياتي بشكل كبير؛ لدرجة يا شيخ أنها في أيام الاختبارات النهائية، لا توفر لي الجو المناسب للمذاكرة؛ نظرا لكثرة الخلافات المستمرة بيننا، وأضطر للمذاكرة قبل الاختبار فقط. وعند خروجي من الاختبار، بدلا أن تسألني كيف كان اختبارك؟ تقول لي: أعتقد أنك تذهب مع امرأة أخرى في هذا الوقت. قررنا بعدها السفر إلى أهلها، وهي الآن عند أهلها، وقبل السفر بأسبوع، وحتى أثناء بقائها عند أهلها لمدة أسبوع، كنت أحاول باستمرار أن أطلب منها أن تسامحني، ونفتح صفحة جديدة في حياتنا، ولكنها ترفض باستمرار، وتحاول إذلالي، لدرجة أنها أفشت بعض الأسرار لإحدى صديقاتها عن طريق إرسال مقاطع صوتية لها عن طريق الواتساب. وخلال تواجدها عند أهلها، زادت هذه الخلافات بيننا، رغم تهدئتي لها، ولكن دون جدوى؛ لدرجة أنها تهجمت علي أكثر من مرة، ومزقت ملابسي، وبصقت علي حتى أمام والدها. وكانت قد ساعدتني في بيع ذهب لها؛ لمساعدتي في تأثيث المنزل، ووعدتها بإعادته لها، ولكنها أصبحت تَمُنُّ علي بهذا الموضوع حتى أمام والدها، وتقول إنها سوف تدوس على رأسي، وتحاول إيذائي عن طريق رميي بأي شيء في يدها.
أفكر حاليا في طلاقها؛ للأسباب التالية:
*مرضها النفسي، الذي قد يستغرق زمنا طويلا لشفائها، وربما لا تشفى من هذا المرض، والعلم عند الله.
*عدم قدرتها على الحمل خلال فترة العلاج؛ نظرا لاستخدامها للأدوية النفسية. وعند توقفها عن العلاج النفسي، تحدث لها انتكاسة كالماضي.
*مرض تكيس الكلى، ووجوب المحافظة دوما على ضغط دم طبيعي، وعند ارتفاع ضغط الدم، فإن ذلك سيقود إلى فشل كلوي، علما أنني لم أكن أعلم قبل زواجي بها أن لديها هذا المرض، وعلى حد علمها، لم تكن تعلم بهذا المرض الوراثي، والذي اكتشفناه فقط بعد الزواج. علما أن هذا المرض يؤثر على الحمل والإنجاب، وفي حال الإنجاب قد يؤثر على صحة المولود.
*تعاني من القدم المسطحة؛ مما يجعلها تعاني من آلام في قدمها وركبتها، ولا تستطيع استخدام أي دواء، نظرا لأن لديها مرض تكيس الكلى.
*عدم رغبتي في العيش معها، وعدم شعوري بالراحة منذ زواجنا إلى هذه اللحظة، لاسيما أن مشكلة كبيرة حصلت بيننا في الطائرة ونحن ذاهبان إلى عش الزوجية، الذي نزوره لأول مرة بسبب شكها المرضي في، وفي المضيفة. وأشعر دوما أنني لم أوفق أبدا في اختيارها كزوجة لي، رغم محاولاتها تطوير نفسها، والاعتذار لي، وندمها كثيرا مؤخراً عند تهديدي لها بتركها عند أهلها، وتهديدي لها بالطلاق.
أريد أن تكون حياتي مستقرة، ولا أجد حياة مستقرة مطمئنة مع هذه المرأة.
فهل يجوز لي أثابكم الله طلاقها؟
وفي حال طلاقها هل علي إثم؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالطلاق تعتريه أحكام الشرع الخمسة: التحريم، والكراهة، والإباحة، والاستحباب، والوجوب. كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 59869، وهو مباح إن دعت إليه حاجة، وراجع الفتوى رقم: 93203.

وفي بعض الأحيان، تكون مصلحة فراق الزوجة أفضل، لا سيما إن كان الزوج يلحقه ضرر من الإبقاء عليها.

قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح، لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

والذي ننصح به أن تمسك عليك زوجك، وتصبر عليها، وتحاول علاجها، ونصحها ما أمكن، لا سيما أنها ابنة خالتك، فهي من أرحامك، ولن تعدم الأجر إن شاء الله، ولعل الله تعالى يشفيها، ويصلح حالها، ولعله تعالى بمنه وكرمه، يرزقك منها أولادا، تقر بهم عينك في الدنيا والآخرة، فإن لم |يُجْد معها النصح، فلا بأس بأن تلوح لها بمسألة الطلاق، أو الزواج عليها.

فإن لم ينصلح حالها، فإن شئت أمسكتها وتزوجت بأخرى، وهو أمر جائز مع تحري العدل بينهما، وإلا فالطلاق، وليكن آخر الحلول، وكما قيل آخر العلاج الكي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني