الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المراهنة غير الجائزة تدخل في الميسر والقمار

السؤال

هل ذنب المراهنة يعتبر ربا؟
وهل صحيح أن أقل الربا أن يزني بأمه؟ وهل هذا تشبيه أم نفس الذنب؟
أتمنى الإجابة على هذه الأسئلة في الأعلى بمفردها.
وهل مثلاً إذا لعبنا كرة، وقلنا: الخاسر مثلاً يضرب.
هل هذا من الربا أو من المراهنة؟
وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذه المراهنة المسؤول عنها، منها ما يجوز، وهو ما كان فيما أذن الشرع بالمراهنة فيه، وهو ما يعين على أمر الجهاد.

ومنها ما لا يجوز، وغير الجائز منها لا يعد ربا، وإنما هو من الميسر والقمار، المنهي عنه في الشرع، بقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:90}. وراجع الفتويين: 78432، 190831.

وأما أن أقل الربا مثل أن ينكح الرجل أمه، فقد ورد بذلك حديث رواه الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- ولفظه: الربا ثلاثة وسبعون بابا، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا، عرض الرجل المسلم. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم، وصححه الألباني في صحيح الجامع. وهذا تشبيه لعظم ذنب الربا، بعظم الذنب المذكور. قال في فيض القدير: (الربا) أي إثم الربا. قال الطيبي: لا بد من هذا التقدير؛ ليطابق قوله: أن ينكح (ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم) قال الطيبي: إنما كان الربا أشد من الزنا؛ لأن فاعله حاول محاربة الشارع بفعله بعقله، قال تعالى: {فأذنوا بحرب من الله ورسوله} أي بحرب عظيم، فتحريمه محض تعبد. وأما قبيح الزنا فظاهر عقلا وشرعا، وله روادع وزواجر سوى الشرع، فآكل الربا يهتك حرمة الله، والزاني يخرق جلباب الحياء. انتهى.

وأما توقيع عقوبة على الخاسر في مباراة الكرة من الضرب أو غيره فأمر لا يجوز، فإنها عقوبة على غير جناية، وكل المسلم على المسلم حرام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وقد حرم الله أذية المسلم بغير ذنب، فقال: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا {الأحزاب:58}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني