الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محل عدم المؤاخذة بكره الأب القلبي وشكواه

السؤال

والدي إنسان لا يطاق بأتم معنى الكلمة، لا أقول هذا لدلال، أو عقوق، ولكن لأنها الحقيقة، فلا حياة أينما وُجد، فجل كلامه، وفعله هو إيذاؤنا، أو إيذاء الناس بالفعل والقول، والضرب، والشتم.
أمي طُلقت، وإخوتي رحلوا، وما زلت أنا وأختي نتجرع العذاب، والأمراض يوما بعد يوم، ولكننا متمسكتان بالله وقدرته، وكل الناس تعرف ظلمه: الجيران أرادوا أن يتجمعوا ويشتكونه، لولا أنهم استحيوا من العائلة، نتكبد المر معه.
فهل يجوز أن أمقته من داخلي؟ هل ذلك لا يعتبر هذا عقوقا؟ وهل يجوز أن أتكلم عنه مع أختي فقط على الأقل؛ لكيلا أصاب بأمراض خبيثة، ليس كل الوقت، ولكن في الأوقات التي يتجاوز ظلمه فيها الإنسانية؟
وجزاكم الله ألف خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن مجرد الكره القلبي لا مؤاخذة فيه، ما لم تتعاطي أسبابه، وتعملي بمقتضاه من إساءة الأدب مع الأب، والتأفف منه، وعدم خفض الجناح له، وغير ذلك من عقوقه.

واعلمي أن الله تعالى حث على بر الوالدين، ومصاحبتهما بالمعروف، والإحسان إليهما، ونهى عن عقوقهما، فلا بد من امتثال ذلك لبلوغ رضاه...

وننبهك إلى أن إساءة الوالد لا تجوز مقابلتها بمثلها، فاصبري على ما تلقينه من أذى، واطردي عن نفسك ذلك الشعور، ولا تظهري لأبيك إلا الحب والمودة، وتحببي إليه بالأقوال الحسنة، والأفعال الجميلة ابتغاء مرضاة الله عز وجل، واجتهدي بالدعاء، واسأليه سبحانه بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يفرج همك، ويكشف غمك.
وأما كلامك مع أختك في شأن الوالد، فلا حرج فيه، إن أردت الشكوى، والحديث عن كيفية التعامل معه، وتفادي ضرره.

ففي روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، لمؤلفه شهاب الدين الألوسي: وأما مجرد الشكوى الجائزة، والطلب الجائز، فليس من العقوق في شيء، وقد شكا بعض ولد الصحابة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولم ينهه عليه الصلاة والسلام، وهو الذي لا يقر على باطل. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني