الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

محل استحباب إبرار المقسم، وعلى من تجب الكفارة حال عدم إبراره

السؤال

عندنا قالب فيه مكعبات ثلج، فأقسم علي أخي أن لا أخرج سوى واحدة فقط، فأخرجت مكعب ثلج، ثم بعد ذلك جلست ألعب بالقالب فأدير الشيء الذي يقلب القالب فيهتز الثلج بداخل القالب، ثم فعلتها مرة أخرى فخرجت قطعة ثلج، فهل بذلك وقع يمينه، أشعر أنني فرطت في ذلك؟ وهل الكفارة علي أم عليه، حيث لم يبلغ بعد وعمره 11 سنة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من حلف قبل البلوغ لا تجب عليه كفارة اليمين، لأن اليمين إيجاب أمر معين، وغير البالغ لا يجب عليه شيء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم. كما في المسند والسنن.
والكفارة تلزم الحالف، ولا تلزم المحلوف عليه، كما قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: والله ليفعلن فلان كذا، أو لا يفعل أو حلف على حاضر، فقال: والله لتفعلن كذا، فأحنثه، ولم يفعل، فالكفارة على الحالف، كذا قال ابن عمر، وأهل المدينة وعطاء، وقتادة والأوزاعي وأهل العراق والشافعي، لأن الحالف هو الحانث، فكانت الكفارة عليه. انتهى.

ولكنه يستحب للمقسم عليه أن يبر قسم أخيه، إلا إذا كانت المصلحة في ترك ذلك، لحديث البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ المتفق عليه، قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، وذكر منها... وإبرار المقسم.

قال في روضة الطالبين: يسن إبرار المقسم، كما ذكر، للحديث الصحيح فيه، وهذا إذا لم يكن في الإبرار مفسدة بأن تضمن ارتكاب محرم أو مكروه. انتهى..

وجاء في شرح النووي على حديث مسلم في تركه صلى الله عليه وسلم إخبار أبي بكر بخطئه في تأويل الرؤيا وقد أقسم عليه: قوله: فوالله يا رسول الله لتحدثني ما الذي أخطأت، قال: لا تقسم ـ هذا الحديث دليل لما قاله العلماء أن إبرار المقسم المِأمور به في الأحاديث الصحيحة إنما هو إذا لم تكن في الإبرار مفسدة ولا مشقة ظاهرة، فإن كان لم يؤمر بالإبرار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبر قسم أبي بكر لما رأى في إبراره من المفسدة، ولعل المفسدة ما علمه من سبب انقطاع السبب مع عثمان، وهو قتله، وتلك الحروب والفتن المترتبة عليه، فكره ذكرها مخافة من شيوعها.. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني