الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

إذا سقطت بضاعة من سيارة نقل كأن تكون تلك البضاعة: طماطمَ، أو خيارا أو عصائر، أو مشروبات، ووجدتها مرمية في الشارع أو الطريق العام.
فهل أقوم بأخذها ولا شيء علي؟
وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فحكم تلك البضاعة التي وجدت مرمية من السيارة، ولا يعرف مالكها، حكم اللقطة، وليس لك أن تتملكها ابتداء ما دامت ذات قيمة، بل تأخذ أحكام اللقطة، المذكورة في الفتاوى التالية أرقامها: 53316 ، 158563، 11132، لكن بما أن هذه الأمثلة التي ذكرت تتعرض للتلف غالبا، ولا تبقى لسنة، فإن لها حكما خاصا ذكره ابن قدامة في قوله: وإذا التقط ما لا يبقى عاماً، فذلك نوعان: أحدهما: ما لا يبقى بعلاج ولا غيره ـ كالطبيخ، والبطيخ والفاكهة التي لا تجفف، والخضراوات ـ فهو مخير بين أكله، وبيعه وحفظ ثمنه، ولا يجوز إبقاؤه؛ لأنه يتلف، فإن تركه حتى تلف، فهو من ضمانه، لأنه فرط في حفظه، فلزمه ضمانه كالوديعة، فإن أكله ثبتت القيمة في ذمته، وإن باعه وحفظ ثمنه، جاز، وهذا ظاهر مذهب الشافعي ... إلى أن يقول: النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ بِالْعِلَاجِ، كَالْعِنَبِ وَالرُّطَبِ، فَيَنْظُرُ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِصَاحِبِهِ. فَإِنْ كَانَ فِي التَّجْفِيفِ جَفَّفَهُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَالُ غَيْرِهِ، فَلَزِمَهُ مَا فِيهِ الْحَظُّ لِصَاحِبِهِ، كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ، وَإِنْ احْتَاجَ فِي التَّجْفِيفِ إلَى غَرَامَةٍ، بَاعَ بَعْضَهُ فِي ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ الْحَظُّ فِي بَيْعِهِ، بَاعَهُ، وَحَفِظَ ثَمَنَهُ، كَالطَّعَامِ وَالرُّطَبِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُهُ، وَلَمْ يُمْكِنْ تَجْفِيفُهُ، تَعَيَّنَ أَكْلُهُ، كَالْبِطِّيخِ. وَإِنْ كَانَ أَكْلُهُ أَنْفَعَ لِصَاحِبِهِ، فَلَهُ أَكْلُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِيهِ. وَيَقْتَضِي قَوْلُ أَصْحَابِنَا: إنَّ الْعُرُوضَ لَا تُمْلَكُ بِالتَّعْرِيفِ، أَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهُ، لَكِنْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الصَّدَقَةِ بِهِ، وَبَيْنَ بَيْعِهِ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي مَنْ يَجِدُ فِي مَنْزِلِهِ طَعَامًا لَا يَعْرِفُهُ: يُعَرِّفُهُ مَا لَمْ يَخْشَ فَسَادَهُ، فَإِنْ خَشِيَ فَسَادَهُ، تَصَدَّقَ بِهِ، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهُ غَرِمَهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، فِي لُقَطَةِ مَا لَا يَبْقَى سَنَةً: يَتَصَدَّقُ بِهِ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: يَبِيعُهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهِ. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني