الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التصرف مع الزوجة التي تتضايق من بر زوجها ورعايته لأمه

السؤال

أعمل في السعودية، ومعي زوجتي، وأبنائي الخمسة، توفي والدي منذ أربعة أعوام، وبقيت أمي وحيدة في مصر، اتفقت أنا وأخي الوحيد الذي يعمل أيضا في السعودية على إحضار الأم لتبقى معنا، على أن تكون إقامتها مناصفة بيني وبينه، تبقى معي أسبوعين، ومعه أسبوعين، لاحظت تضايقا وتغيرا من زوجتي نحو أمي بشكل كبير غير معلن، ومحاولات للتضييق عليها بشكل كبير، وغيرة شديدة من أمي بسبب اهتمامي وبري بها (دون التقصير في حق زوجتي) ومشاجرات معي باستمرار بسبب جلوسي، أو خروجي، أو أكلي حتى مع أمي ... ، بدأت أمي تشعر بهذه الأمور دون أن تصرح بها، وبدأت تتزايد عند أمي الرغبة في الذهاب إلى مصر، خصوصا أنها ولله الحمد ميسورة الحال، وعندها بيتها، ومعاش كبير، رغم اعتراض أخي على ذهاب أمي، وافقت وأيدت قرارها بدافع إكرام الأم، وعدم إشعارها بالإهانة، أو التضييق عليها بهذا الشكل، بشرط أن تأتي لنا مرة أخرى بعد شهور، وبعد سفرها كنت أتصل عليها بشكل شبه يومي لأطمئن عليها، وقرب موعد حضورها بأيام اتصلنا عليها مرات عديدة طوال اليوم ولم ترد، وتواصلنا مع كل من نعرف ولكن دون جدوى، ولا يعرفون عنها شيئا، حتى قام بعض أقاربنا بكسر الباب عليها، فوجدوها قد أصيبت بجلطة في المخ، ومغمى عليها قرابة يوم كامل، ونتج عن الجلطة شلل نصفي، وتيبس شديد في عضلات الوجه والفقرات ..... ،
قضيت أسوأ ليلة في حياتي، أتابع التطورات مع بعض أبنائي، دون اهتمام، أو حتى سؤال من زوجتي عما جرى لأمي المسكينة!
بعد استقرار الحالة الصحية لأمي، أحضرناها معنا إلى السعودية لرعايتها، واستكمال علاجها في مراكز متخصصة هنا لمثل هذه الحالات، وقمت والحمد لله برعاية أمي في كل شؤونها أثناء وجودها معي، خصوصا بعد إخبار أخي لي أنه لا يستطيع استضافة أمي فترة الدراسة لانشغال زوجته وأبنائه خلال هذه الفترة، وعدم التمكن من خدمة الأم، ولتطييب نفس زوجتي، قمت بعمل زيارة لأمها لتأتي وتقضي رمضان معنا، وتؤدي أيضا فريضة الحج، ولكن للأسف الشديد لم تتغير زوجتي، وزاد سخطها من خدمتي لأمي في أمور يطول وصفها وشرحها، بعد أداء زوجتي وحماتي الحج، صممت زوجتي على الذهاب مع أمها لمصر فترة الدراسة كاملة، مع أولادي الثلاثة الصغار، وبعد مناقشات مستفيضة معها ومع أمها لإثنائها عن النزول، وللبقاء معي، رفضت، ثم قمت بالموافقة على سفرها، خصوصا -ويعلم الله- لأتفرغ للتشرف بخدمة أمي، وبعد سفرها أخبرني أخي أنه أحضر مرافقة طبية لأمي متخصصة في مثل هذه الحالات المرضية، وأن المرافقة سترافقها وتقيم معها بشكل كامل، ولكن في بيته؛ لعدم وجود زوجتي معي، فانتقلت الأم لأخي، والحمد لله بدأت تتحسن حالتها، ولكن ما زالت تحتاج رعاية وخدمة، قاربت فترة الدراسة على الانتهاء، وأخبرني أخي أنه سيسافر مع زوجته فترة الصيف، ولا بد من حضور زوجتي لوجود المرافقة مع أمي، وإذا بزوجتي تخبرني أنها لا تريد الحضور إلا شهرا واحدا فقط فترة الصيف، وتضع لي كافة العراقيل والاشتراطات للحضور، مثل اشتراط عدم وجود مرافقة لأمي معنا بالبيت، وأمور كثيرة أخرى، فأنا والله في حيرة شديدة، ولا أدري ماذا أصنع، علما بأنني إلى الآن أستر على زوجتي، ولا يعلم أحد عنها هذه الأمور، ولأمي أفضال عليها كثيرة يطول شرحها، نصحني البعض بإنهاء حياتي مع هذه الزوجة التي هذه أخلاقها وسلوكها، علما بأنها ممن تصر على رأيها في كل الأمور حتى كان في ذلك معصية لزوجها وعدم طاعته، والكثير والكثير من الأشياء التي يطول شرحها، علما بأنها وللعجب كثيرة الصيام والقيام.
أفيدوني ماذا أفعل حفظكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فجزاك الله خيراً على برّك بأمّك، وإحسانك إلى زوجتك، ونسأله تعالى أن يجعل عملك خالصاً لوجهه، وينفعك ببركته في الدنيا والآخرة.
والذي ننصحك به ألا تطلق امرأتك، وأن تتفاهم معها، وتبين لها أنّ من محاسن أخلاق الزوجة، وطيب عشرتها لزوجها، إحسانها إلى أهله، وإعانته على بر والديه، وصلة رحمه، ولا بأس بتوسيط بعض الصالحين من الأقارب أو غيرهم؛ ليكلموها في ذلك، ويحضوها على طاعتك، والرجوع إليك، ومعاونتك على برّ أمّك.
فإن لم يفد ذلك، فاعلم أنّ من حقّ زوجتك أن تمتنع من السكن مع أمّك، أو غيرها، وتطلب مسكناً منفرداً، والمقصود بالمسكن المنفرد أن يكون للزوجة جزء من الدار، مناسب لها، منفصل بمرافقه.

جاء في مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر: وفي شرح المختار: ولو كان في الدار بيوت، وأبت أن تسكن مع ضرتها، ومع أحد من أهله، إن خلى لها بيتا، وجعل له مرافق، وغلقا على حدة، ليس لها أن تطلب بيتا آخر. اهـ.

وعليه، فإن أسكنت أمّك معك، وجعلت لزوجتك جزء مستقلا من المسكن، فلا حقّ لها في الامتناع، وإلا كانت ناشزاً، وإذا لم يكن ذلك ممكناً، فلك أن تسكن أمّك في مسكن آخر قريب من مسكنك، بحيث يسهل عليك القيام بشؤونها، ورعايتها على الوجه المطلوب.
وإذا لم يكن ذلك متيسراً، ولم يبق أمامك إلا أن تسكن أمّك معك في مسكنك، ورفضت زوجك الرجوع، فإن كنت تقدر على الزواج بأخرى تقيم معك، وتعينك على رعاية أمّك، فلا مانع من ذلك، ولعل امرأتك لو علمت بعزمك على هذا الأمر، أن تراجع نفسها وترجع إليك، وتحسن إليك وإلى أمّك.
وللفائدة ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني