الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وجوب نفقة الزوجة والأولاد قبل صدور الحكم بالخلع

السؤال

كنت متغربة مع زوجي خارج بلدي لمدة خمس سنوات، وكان دائم الاعتداء علي بالضرب، متعاط للحشيش والترامادول بانتظام يومي. وتدخلت السلطات مرتين بيني وبينه لضربه المبرح. منذ أربعة أشهر قام بضربي وسبي، وسكب الماء المغلي على جسدي، وذلك في الصباح حيث لم يفضل الفطور الذي جهزته له، ولم يوجد نوع آخر لأقدمه له. قمت بتبليغ الشرطة، وعمل محضر له بالضرب والحرق، وعندما علم أنني قمت بالتبليغ عنه قام بتهديدي برساله نصية بالتبليغ ضدي بالسرقة، وذلك لأنه كفيلي في هذه البلد. تحفظت عليه الشرطة، وتم إرساله للتحقيق أمام هيئة التحقيق، وتم تحديد موعد لحضوري أمامه لاستكمال التحقيق. عندها مررت بالمنزل وأخذت كيسا كان يضعه بدولابه أعرف أن به أموالا ، ولم يسبق لي الاطلاع عليها، ولا أعرف عددها. وبعد انتهاء التحقيق طلبت من المحقق أمام زوجي أن يسلمه هذا الكيس درءا للشبهات عني حتى لا يقوم باتهامي بسرقته، أقر أنه يخصه، وأن به أمواله، وطلب مني أن آخذه بحجة أنه مالي ومال أبنائي، ولن يوجد من يؤتمن عليه غيري. وأوضح المحقق لي أمامه أنه رهن الاعتقال والتوقيف، ولن يتسلم أي مبالغ، وسيتم تسليمها للأمانات في الشرطة، لم أبال أو أهتم، وطلبت منه استلام المبلغ، حينها أصر زوجي علي باحتفاظي بالمبلغ مؤكدا على حسب لفظه هذا مالك ومال عيالك. عندها طلب مني المحقق الاحتفاظ بالمال، وأن أصرف منه على أطفالي الاثنين حيث إني لا أعمل ولا عائل ولا محارم لي في هذه البلد. وإن المحقق سيثبت أنه سلمها لي على ضمانته الشخصية.
وكان من ضمن سير التحقيق أنه أقر بالتعاطي المنتظم، وأن هذا هو سبب عصبيته المفرطة، فتم تجديد الحبس له لقضيتي التعاطي والضرب، وطالت مدة بقائي في هذه البلد الغريب بأطفالي وحيدة، وطلبت منه الطلاق مرارا فرفض، ورفض تسفيري إلى بلد أهلي بأطفالي القصر(صبي سنتان -بنت 4سنوات) لذا رفعت دعوى خلع وحضانة لطفلي أمام محكمة هذه البلد، وتم الحكم لي في جلسة واحدة نظرا لظروفي الصعبة وتضرري من البقاء دون محارم أو عائل، واستمررت طيلة أربعة أشهر في الإنفاق من هذا المال علي، وعلى إيجار المسكن وعلى أبنائي، وذلك لأنه قام بالاستئناف على حكمي الخلع والحضانة مما أدى إلى تعطيل استلامي صكي الخلع والحضانة. ثم قام وهو بالسجن بتوكيل صديق له من نفس جنسية البلد ليقوم بتقديم بلاغ ضدي بسرقة المبلغ الذي قد سلمه هو بنفسه لي أمام المحقق، وألح في طلبه مني باستلامه.
ولذلك فقد حفظ البلاغ المقدم ضدي.
ما حكم هذا المبلغ الآن؟ علما أنني لم أستلم بعد صك الخلع أو الحضانة لاستمرار الاستئناف الذي قام هو بتقديمه وإطالة المدة علي؟ واستمراري في النفقة منه علي وعلى متطلبات أطفالي، ودفعي لإيجار السكن منه، وعدم تسليمي المبلغ له حيث إنه في السجن، ولا أعمل ولا عائل لي. افتوني، الله يكرمكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمسائل التي فيها منازعات لا تفيد فيها الفتوى، وإنما مردها إلى القضاء الشرعي فهو صاحب الاختصاص، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: المسائل التي فيها خصومة من الحكمة ألا يُفْتِي فيها أحد، لأنه قد يُفْتِي بحسب ما سمعه من الخصم، ويكون عند خصمه ما يدفع به الحجة، ولأنه إذا أفتى فربما يأخذ الخصم هذه الفتيا من أجل أن يحتج بها على القاضي إذا جلسوا بين يديه، مع أن المفتي لم يعلم عن دفع هذه الحجة، فأنا أشير على إخواني طلبة العلم بأنه إذا استفتاهم أحد في مسائل فيها خصومة أن يقولوا: هذه أمرها إلى القضاة، لئلا يوقعوا الناس في شر وبلاء.
وعلى سبيل العموم، فإنّ نفقتك ما دمت في عصمته، ونفقة أولاد زوجك واجبة عليه بالمعروف، والفرقة لا تحصل بالخلع الصادر من المحكمة إلا بعد الحكم النهائي، فقد جاء في فتاوى الأزهر: ولا تبدأ العدة في الطلاق الغيابي الصادر من المحكمة إلا إذا صار نهائيا، بأن مضت مدة المعارضة والاستئناف، ولم يعارض فيه ولم يستأنف، أو استؤنف وتأيد .أما إذا لم يصدر الحكم بالطلاق نهائيا فلا يحوز قوة الشيء المحكوم فيه، ولا يكون الطلاق نافذا تترتب عليه آثاره ومنه العدة حتى يكون نهائيا .
وعليه؛ فما أنفقت من مال زوجك بالمعروف عليك وعلى الأولاد لا حرج عليك فيه، وأما إذا صدر الحكم النهائي بالخلع فلا تلزمه نفقتك ولكن تلزمه نفقة أولاده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني