الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخريج حديث (...من قال عشر كلمات دبر كل صلاة وجد الله عندهن مكفيا مجزيا...)

السؤال

في نوادر الأصول للحكيم الترمذي عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال عشر كلمات عند دبر كل صلاة وجد الله عندهن مكفيا مجزيا، خمس للدنيا وخمس للآخرة حسبي الله لديني حسبي الله لدنياي حسبي الله لما أهمني، حسبي الله لمن بغى, علي حسبي الله لمن حسدني, حسبي الله لمن كادني بسوء, حسبي الله عند الموت, حسبي الله عند المسألة في القبر, حسبي الله عند الميزان, حسبي الله عند الصراط, حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه أنيب.. وأورده أيضا العجلوني في كشف الخفاء في سياق كلامه للحديث رقم 1134" حسبي الله ونعم الوكيل" وسكت عن صحته كعادته، فأفيدونا بارك الله فيكم عن صحة الحديث؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحكيم الترمذي صاحب نوادر الأصول المتوفى سنة عشرين وثلاثمائة ليس من أثبات العلماء ولا هو ممن يلتفت إلى كتبه وتصانيفه وكتابه النوادر من مظان الأحاديث الموضوعة كما نص عليه أهل المصطلح، وقد عزا له الشوكاني بعض الأحاديث، وقال: تفرده به يدل على سقوطه، والحكيم نفسه قد طعن فيه أهل العلم، فقد قال الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمته: قال أبو عبد الرحمن السلمي: أخرجوا الحكيم من ترمذ وشهدوا عليه بالكفر وذلك بسبب تصنيفه كتاب ختم الولاية وكتاب علل الشريعة، وقولوا: إنه يقول إن للأولياء خاتماً كالأنبياء لهم خاتم وإنه يفضل الولاية على النبوة...

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في لسان الميزان: وذكره القاضي كمال الدين بن العديم صاحب (تاريخ حلب) في جزء له سماه (الملحة في الرد على أبي طلحة) قال فيه: وهذا الحكيم الترمذي لم يكن من أهل الحديث ولا رواية له، ولا علم له بطرقه وصناعته وإنما كان فيه الكلام على إشارات الصوفية والطرائق ودعوى الكشف عن الأمور الغامضة والحقائق حتى خرج في ذلك عن قاعدة الفقهاء واستحق الطعن عليه بذلك والإزراء وطعن عليه أئمة الفقهاء والصوفية وأخرجوه بذلك عن السيرة المرضية، وقالوا: إنه أدخل في علم الشريعة ما فارق به الجماعة، وملأ كتبه الفظيعة بالأحاديث الموضوعة، وحشاها بالأخبار التي ليست بمروية ولا مسموعة، وعلل فيها جميع الأمور الشرعية التي لا يعقل معناها بعلل ما أضعفها وما أوهاها. انتهى.

فعدم وجود الحديث المسؤول عنه في غير هذا الكتاب المشحون بالموضوعات كافٍ في أن يجزم طالب العلم بأنه موضوع، ولم نجد أحداً من العلماء المعتبرين الأثبات ذكر هذا الحديث وكتب العلماء في الأذكار منتشرة ومشهورة، وعليه فالظاهر أن هذا الحديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم وحسبك أن في سنده الحكيم الترمذي وقد رأيت كلام العلماء فيه، ثم قد رواه في نوادره هكذا: (حدثنا عمر) ثنا نعيم بن حماد، عن عبد المؤمن بن خالد الحنفي، ثنا عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم... فذكره. وشيخه في هذا الإسناد مجهول، ونعيم بن حماد ضعيف، وفي رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه كلام، قيل لم يسمع منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني