الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رتبة أثر: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم

السؤال

فضيلة الشيخ لقد روي البيهقي في الأسماء والصفات أثرا عن ابن عباس مضمونه:عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قال : {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} قال : سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى) ورواه من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس، رضي الله عنهما في قوله عز وجل : {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن} قال : في كل أرض نحو إبراهيم عليه السلام .وقال: إسناد هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما صحيح، وهو شاذ بمرة، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا والله أعلم أريد أن أسألكم ما هي درجة حديث شريك عن عطاء؟ أين موضع الشذوذ في هذا الأثر؟ هل يكون طريق واحد متابعا لآخر؟ أفيدوني بالجواب وشكرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا أثر منكر، رواه ابن أبي حاتم في تفسيره (10 / 3361 / 18918) والحاكم في مستدركه، وصححه (2 / 535 / 3822) وعنه البيهقي في الأسماء والصفات (2 /370) من طريق شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبي الضحى، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن. قال: سبع أرضين في كل أرض نبي كنبيكم، وآدم كآدم، ونوح كنوح، وإبراهيم كإبراهيم، وعيسى كعيسى.

ثم رواه البيهقي من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى، به، بلفظ: في كل أرض نحو إبراهيم عليه السلام. وقال: إسناد هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما صحيح، وهو شاذ بمرة، لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا اهـ.

ونقل ابن كثير كلام البيهقي، وأقره (تفسير ابن كثير 4 / 386) وقال في موضع آخر: هو محمول إن صح نقله عنه على أنه أخذه ابن عباس رضي الله عنه عن الإسرائيليات (البداية والنهاية 1 / 22).

وقال الخلال: أخبرني أحمد بن أصرَم الُمزني أن أبا عبد الله ـ يعني الإمام أحمد ـ سُئل عن هذا الحديث، فقال: هذا رواه شعبة، عن عمرو بن مُرّة، عن أبي الضحى، عن ابن عباس، لا يذكر هذا، إنما يقول: "يتنزّل العلمُ والأمرُ بَيْنهنّ". وعطاء بن السائب اختلط، وأنكر أبو عبد الله الحديث. وعن قتادة قال: في كل سماءٍ وكل أرضٍ خلقٌ من خلقه، وأمر من أمره، وقضاءٌ من قضائه. (المنتخب من العلل للخلال 58، منهج الإمام أحمد في إعلال الأحاديث 1 /412).

وقال الذهبي: لا نعتقد ذلك أصلا... شريك وعطاء فيهما لين لا يبلغ بهما رد حديثهما، وهذه بلية تحير السامع كتبتها استطرادا للتعجب، وهو من قبيل اسمع واسكت (العلو للعلي الغفار 161).

وقال أبو حيان الأندلسي: هذا حديث لا شك في وضعه (تفسير البحر المحيط 8 / 283).

وذكره السيوطي في مبحث الشاذ ـ وهو نوع من الضعيف ـ من طريق الحاكم، ونقل تصحيحه، ثم قال: لم أزل أتعجب من تصحيح الحاكم له حتى رأيت البيهقي قال: إسناده صحيح ولكنه شاذ بمرة (تدريب الراوي 1 / 233، وانظر توجيه النظر إلى أصول الأثر لطاهر الجزائري ص 512).

وقال المعلمي اليماني: ليس سنده صحيحا، لأنه من طريق شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس، وشريك يخطئ كثيراً ويدلس، وعطاء بن السائب اختلط قبل موته بمدة، وسماع شريك منه بعد الاختلاط (الأنوار الكاشفة ص 127).

وقد علمت مما ذكر درجة حديث شريك عن عطاء.

وفيما يخص موضع الشذوذ في هذا الحديث.. فإن من الشذوذ أن يخالف الحديث أمرا معلوما من الدين ضرورة، وقد يكون ذلك هو المقصود من شذوذ هذا الحديث.

ولم نفهم المقصود من قولك: هل يكون طريق واحد متابع لآخر.. إذ الحديث المتابع هو من تابع راويه راويا آخر فيروى الحديث من نفس الصحابي.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني