الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تخريج حديث: (من صلى في مسجدي أربعين صلاة)

السؤال

أرجو منكم إفادتي بدرجة الحديث المروي عن فضيلة أربعين صلاة في المسجد النبوي وما يترتب عليه من البراءة من النفاق والنجاة من النار، وهو مروي في مسند أحمد وصححه الهيثمي والمنذري، وقواه الشيخان حماد الأنصاري ومحمد عطية سالم في أضواء البيان 8/349 محتجين بتوثيق كل من ابن حبان والمنذري والبيهقي وابن حجر في تعجيل المنفعة لأحد رواته نبيط بن عمر، بينما تكلم عليه من المعاصرين كل من الشيخين الألباني وشعيب الأرناؤوط وضعفا إسناد الحديث به، فما قول العلماء المحدثين في الحديث على الأرجح والفيصل نظراً للخلاف فيه وهل يحتج به إذا صح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الحديث فيه ضعف يسير لجهالة أحد رواته، وقد رواه الإمام أحمد وابنه عبد الله في زوائد المسند، والطبراني في الأوسط، وهذا لفظه وإسناده من المسند: حدثنا الحكم بن موسى قال أبو عبد الرحمن عبد الله: وسمعته أنا من الحكم بن موسى حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن نبيط بن عمر عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا يفوته صلاة كتبت له براءة من النار ونجاة من العذاب وبرئ من النفاق. قال الطبراني عقبه: لم يرو هذا الحديث عن أنس إلا نبيط بن عمر تفرد به عبد الرحمن بن أبي الرجال.

وقال المنذري في الترغيب: رواه أحمد ورواته رواة الصحيح والطبراني في الأوسط وهو عند الترمذي بغير هذا اللفظ.

وقال الهيثمي في المجمع: روى الترمذي بعضه رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجاله ثقات.

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة: منكر أخرجه أحمد والطبراني في المعجم الأوسط من طريق عبد الرحمن بن أبي الرجال عن نبيط بن عمر عن أنس بن مالك مرفوعاً، وقال الطبراني: لم يروه عن أنس إلا نبيط تفرد به ابن أبي الرجال، قلت: وهذا سند ضعيف، نبيط هذا لا يعرف في هذا الحديث، وقد ذكره ابن حبان في الثقات. على قاعدته في توثيق المجهولين، وهو عمدة الهيثمي في قوله في المجمع: رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجاله ثقات، وأما قول المنذري فلي الترغيب: رواه أحمد ورواته رواة الصحيح، والطبراني في الأوسط، فوهم واضح لأن نبيطاً هذا ليس من رواة الصحيح، بل ولا روى له أحد من بقية الستة! ومما يضعف هذا الحديث أنه ورد من طريقين يقوى أحدهما الآخر عن أنس مرفوعاً وموقوفاً بلفظ: من صلى لله أربعين يوماً في جماعة يدرك التكبيرة الأولى كتبت له براءتان، براءة من النار وبراءة من النفاق. أخرجه الترمذي. انتهى.

والظاهر والله أعلم أن الحكم على الحديث بالنكارة غير صحيح، بل الظاهر أنه ضعيف فقط لجهالة نبيط، وقد يكون محتملاً للتحسين نظرا لتوثيق ابن حبان والمنذري والهيثمي له.

وليس في ورود حديث آخر عن أنس باللفظ المتقدم من كلام الشيخ الألباني رحمه الله ما يقتضي الجزم بعدم ثبوت لفظ الحديث الذي معنا فلا مانع من أن يكون الحديثان محفوظين، ويبقى الكلام في معنى الحديث.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني