الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يصلي ولا يصوم لأن قلبه نظيف

السؤال

زميلي في العمل لا يصلي ولا يصوم، وكلما نصحته قال لي المهم أن قلبي نظيف ولست منافقا. فما حكمه وما الواجب علي اتجاهه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالصلاة أعظم دعائم الإسلام بعد الشهادتين وأهمها، وهي عنوان صدق الإيمان وأبرز علاماته، وتركها والتهاون بها من أبرز علامات الكفر والنفاق كما يدل له قوله: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ*الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ.{ الماعون:5،4}. وقوله: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا. {مريم:59}.

ولا شك أن كل مسلم مؤمن بالموت وسكراته والقبر وعذابه، والبعث والنشور والحساب والعقاب، ويقرع سمعه هذا الوعيد من جبار السموات والأرض لا بد أن يخاف ويقبل على إقامة الصلاة في وقتها ويتدارك نفسه بالتوبة مما فات قبل أن يدخل سقر فيكون كمن قال الله تعالى عنهم: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ*قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ. {المدثر:43،42}.

وأما حكم تركها فان من تركها منكراً لوجوبها فقد خرج عن ملة الإسلام باتفاق الأمة، لإنكاره ما هو ثابت بالكتاب والسنة، وما عرف من الدين بالضرورة، ومن تركها تهاوناً وكسلاً مع إقراره بوجوبها فهو على خطر عظيم لتواتر نصوص الكتاب والسنة الآمرة بإقامتها والحض عليها، والتحذير من الإخلال بها، وذم من تركها أو تهاون في أمرها، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمى الصلاة عماد الإسلام الذي إن أقامه العبد فقد أقام الإسلام، وإن هدمه هدم الإسلام، كما ثبت في سنن الترمذي من حديث معاذ بن جبل المشهور أنه صلى الله عليه وسلم قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة. رواه الترمذي وصححه.

وأيضا فقد استفاض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الوعيد الشديد، والتهديد الأكيد لتارك الصلاة، فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.

وثبت عنه أيضاً أنه قال: بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة. متفق عليه.

بل إنه قد كفره جمع من المحققين للأحاديث السابقة.

قال النووي في المجموع : من ترك الصلاة تكاسلاً مع اعتقاده وجوبها فمذهبنا المشهور ما سبق أنه يقتل حداً ولا يكفر، وبه قال مالك والأكثرون من السلف والخلف، وقالت طائفة: يكفر ويجري عليه أحكام المرتدين في كل شيء، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وبه قال ابن المبارك وإسحاق بن راهويه وهو أصح الروايتين عن أحمد وبه قال منصور الفقيه من أصحابنا كما سبق. وقال الثوري وأبو حنيفة وأصحابه وجماعة من أهل الكوفة والمزني: لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي.. اهـ.

وأما عن الواجب تجاهه فإنه تجب مناصحته ووعظه وتحذيره من العقوبات المترتبة على ترك الصلاة في الدنيا والآخرة، لعله يتوب إلى الله تعالى، فإن لم يفد ذلك وجب هجره والابتعاد عنه إن كان هجره يفيد في إرجاعه إلى صوابه، فإن كان يزيده بعدا وتماديا على عصيانه فلا فائدة فيه حينئذ، لكنه يتعين توخي الحذر من التأثر به فالصاحب ساحب كما يقال.
فإن رأيت من نفسك ثباتًا على الخير، ولم تخش مزلة القدم بمخالطة هذا الزميل فخالطه بقصد دعوته، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من أن يكون لك حمر النعم. رواه البخاري.

وراجع للاطلاع على المزيد في الموضوع الفتاوى التالية أرقامها:102922، 76270، 1145، 125434.

ثم إننا ننصحك بإطلاعة على هذه الفتوى لعل الله جل وعلا ينقذ بك وبها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني