الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              الآية الثامنة والخمسون :

                                                                                                                                                                                                              قوله تعالى : { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما } . فيها خمس مسائل :

                                                                                                                                                                                                              المسألة الأولى : اختلف الناس في تأويلها ; فقال ابن عباس : إنما نزلت في الرجل يظلم الرجل ، فيجوز للمظلوم أن يذكره بما ظلمه فيه لا يزيد عليه .

                                                                                                                                                                                                              وقال مجاهد وآخرون : إنما نزلت في الضيافة ; إذا نزل رجل على رجل ضيفا فلم يقم به جاز له إذا خرج عنه أن يذكر ذلك . وقال رجل لطاوس : إني رأيت من قوم شيئا في سفر ، أفأذكره ؟ قال : لا . قال القاضي : قول ابن عباس هو الصحيح ، وقد وردت في ذلك أخبار صحيحة ; قال النبي صلى الله عليه وسلم : { مطل الغني ظلم } . وقال : { لي الواجد يحل عرضه [ ص: 645 ] وعقوبته }

                                                                                                                                                                                                              . وقال العباس لعمر بحضرة أهل الشورى عن علي بن أبي طالب : اقض بيني وبين هذا الظالم ، فلم يرد عليه أحد منهم ; لأنها كانت حكومة ، كل واحد منهما يعتقدها لنفسه حتى أنفذ فيها عليهم عمر للواجب .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : قال علماؤنا : وهذا إنما يكون إذا استوت المنازل أو تقاربت ; فأما إذا تفاوتت فلا تمكن الغوغاء من أن تستطيل على الفضلاء ، وإنما تطلب حقها بمجرد الدعوى من غير تصريح بظلم ولا غضب ; وهذا صحيح ، وعليه تدل الآثار . وقد قال العلماء في قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لي الواجد يحل عرضه } ، بأن يقول مطلني ، وعقوبته بأن يحبس له حتى ينصفه .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية