الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
القصة في القرآن حقيقة لا خيال :

ومن الجدير بالذكر أن أحد الطلاب الجامعيين في مصر قدم رسالة لنيل درجة " الدكتوراه " كان موضوعها : " الفن القصصي في القرآن “ ، أثارت جدلا طويلا سنة 1367 هجرية ، وكتب عنها أحد أعضاء اللجنة الذين اشتركوا في مناقشة الرسالة -وهو الأستاذ أحمد أمين- تقريرا بعث به إلى عميد كلية الآداب ، ونشر في مجلة " الرسالة " وقد تضمن التقرير نقدا لاذعا لما كتبه الطالب الجامعي ، وإن كان أستاذه المشرف قد دافع عنه . وصدر الأستاذ " أحمد أمين " تقريره بالعبارة الآتية :

" وقد وجدتها رسالة ليست عادية ، بل هي رسالة خطيرة ، أساسها أن القصص في القرآن عمل فني خاضع لما يخضع له الفن من خلق وابتكار من غير التزام لصدق التاريخ . والواقع أن محمدا فنان بهذا المعنى " ، ثم قال : " وعلى هذا الأساس كتب كل الرسالة من أولها إلى آخرها ، وإني أرى من الواجب أن أسوق بعض أمثلة توضح مرامي كاتب هذه الرسالة ، وكيفية بنائها" ، ثم أورد الأستاذ أحمد أمين أمثلة منتزعة من الرسالة ، تشهد بما وصفها به في هذه العبارة المجملة.

كادعاء صاحب الرسالة أن القصة في القرآن لا تلتزم الصدق التاريخي . وإنما تتجه كما يتجه الأديب في تصوير الحادث تصويرا فنيا ، وزعمه أن القرآن يختلق بعض القصص وأن الأقدمين أخطأوا في عد القصص القرآني تاريخا يعتمد عليه ..

[ ص: 304 ] والمسلم الحق هو الذي يؤمن بأن القرآن كلام الله ، وأنه منزه عن ذلك التصوير الفني الذي لا يعنى فيه الواقع التاريخي ، وليس قصص القرآن إلا الحقائق التاريخية تصاغ في صور بديعة من الألفاظ المنتقاة ، والأساليب الرائعة .

ولعل صاحب الرسالة درس فن القصة في الأدب ، وأدرك من عناصرها الأساسية الخيال الذي يعتمد على التصوير ، وأنه كلما ارتقى خيالها ونأى عن الواقع كثر الشوق إليها ، ورغبت النفس فيها ، واستمتعت بقراءتها . ثم قاس القصص القرآني على القصة الأدبية.

وليس القرآن كذلك فإنه تنزيل من عليم حكيم ، ولا يرد في أخباره إلا ما يكون موافقا للواقع ، وإذا كان الفضلاء من الناس يتورعون من أن يقولوا زورا ويعدونه من أقبح الرذائل المزرية بالإنسانية ، فكيف يسوغ لعاقل أن يلصق الزور بكلام ذي العزة والجلال ؟

والله تعالى هو الحق : ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل .

وأرسل رسوله بالحق : إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا .

والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق .

يا أيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم .

وأنزلنا إليك الكتاب بالحق .

والذي أنزل إليك من ربك الحق .

وما قصه الله تعالى في القرآن هو الحق : نحن نقص عليك نبأهم بالحق .

نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية