الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
الثالث والثلاثون : خطاب المعدوم . ويصح ذلك تبعا لموجود ، كقوله - تعالى - : يابني آدم ( الأعراف : 26 ) فإنه خطاب لأهل ذلك الزمان ، ولكل من بعدهم ، وهو على نحو ما يجري من الوصايا في خطاب الإنسان لولده وولد ولده ما تناسلوا ، بتقوى الله وإتيان طاعته .

قال الرماني في تفسيره : وإنما جاز خطاب المعدوم ؛ لأن الخطاب يكون بالإرادة للمخاطب دون غيره ، وأما قوله - تعالى - : كن فيكون ( النحل : 40 ) فعند الأشاعرة أن وجود العالم حصل بخطاب " كن " .

وقالت الحنفية : التكوين أزلي قائم بذات البارئ - سبحانه ، وهو تكوين لكل جزء من أجزاء العالم عند وجوده ، لا أنه يوجد عند " كاف ونون " .

وذهب فخر الإسلام شمس الأئمة منهم إلى أن خطاب " كن " موجود عند إيجاد كل شيء ، فالحاصل عندهم في إيجاد الشيء شيئان : الإيجاد وخطاب " كن " .

واحتج الأشاعرة بظاهر قوله - تعالى - : إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ( النحل : 40 ) وقوله : إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ( يس : 82 ) [ ص: 374 ] وقوله : بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ( البقرة : 117 ) . ولو حصل وجود العلم بالتكوين لم يكن في خطاب " كن " فائدة عند الإيجاد .

وأجاب الحنفية بأنا نقول لموجبها ولا تستقل بالفائدة ؛ كالمتشابه ، فيقول بوجود خطاب كن عند الإيجاد في غير تشبيه ولا تعطيل .

التالي السابق


الخدمات العلمية