الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حاضت في الحج فتحفظت وطافت وسعت فما حكمها

السؤال

حججت وزوجتي مفردين هذا العام، ويوم عرفة أصابها الحيض وكان معي كتاب عن مناسك الحج قرأت فيه بجواز الطواف للحائض للإفاضة عند الضرورة دون وجود تفاصيل، ونحن نقيم بإحدى مدن الجنوب في المملكة ولما حان موعد الرحيل وكانت ما تزال حائضا ومعنا أطفال وليس لنا مكان نقيم به في مكة حتى تطهر لقلة النفقة أمرتها بأن تتحفظ وتطوف معنا وتسعى، ورجعنا بعد ذلك للمدينة التي نقيم بها فى جنوب المملكة ثم لما رجعنا أردت أن أسأل في خط الفتوى للمناسك عما فعلنا فأخبروني بأني أخطأت لأن هذه الفتوى تخص من هو خارج المملكة، وأن علي الرجوع ثانية لتطوف زوجتي ولم نكن نملك نفقة للرجوع الفورى فانتظرنا حتى موعد الراتب لنرجع، علما بأن الرجوع فيه مشقتان مشقة الانتقال بالأطفال ومشقة النفقة حيث لدينا ديون فماذا نفعل علما أنه لطول المدة حدث جماع فماذا نفعل الآن؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أن طواف الحائض لا يصح في قول جمهور أهل العلم، وعلى هذا القول فزوجتك لم تزل محرمة لم تحل التحلل الثاني ويجب عليها أن تأتي مكة وتتم نسكها، وهذا أحوط الأقوال وأبرؤها للذمة، وفي المسألة قول ثان وهو أن الطهارة واجبة للطواف وليست شرطا في صحته، وأن طواف الحائض صحيح ويلزمها بدنة لهجومها على الطواف حال الحيض، وهو رواية عن أحمد ومذهب أبي حنيفة، وجوز بعض الشافعية الأخذ بهذا القول عند الضرورة، وانظر الفتوى رقم: 140656.

وفي المسألة قول ثالث وهو ما قرأته في هذا الكتاب المذكور، وهو أن الحائض إذا اضطرت للطواف طافت ولا شيء عليها وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإن كنت قد قلدت أحد من تثق به من العلماء في هذه المسألة رجونا أن يكون ذلك مجزئا وألا يلزم زوجتك الرجوع إلى مكة فإن فرض العامي هو سؤال أهل العلم واتباع ما يفتون به.

وإن كان الذي ننصحك به هو أن تذهب زوجتك إلى مكة فتقضي نسكها وإن استلزم ذلك شيئا من التعب والنفقة فإن الله تعالى لن يضيع هذا الجهد، وفي ذلك خروج من الخلاف واحتياط للدين وإبراء للذمة بيقين.

وأما ما وقع من الجماع فإن كان عن جهل واعتقاد أنها قد حلت التحلل الثاني فلا شيء عليها، وأما إن كانت معتقدة أنه يلزمها الرجوع إلى مكة فعليها دم يذبح في مكة ويوزع على فقراء الحرم.

قال في الروض: والوطء بعد التحلل الأول لا يفسد النسك وعليه شاة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة