الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حاضرو المسجد الحرام والمتعة والهدي

السؤال

أقيم في منطقه بين الميقات(يلملم) ومكة المكرمة وطوال العام أؤدي مناسك العمرة، كل عشرة أيام مرة بصفة مستمرة فهل أعتبر ممن هم (أهله حاضري المسجد الحرام) وليس لي إلا الحج(مفردا).

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن السؤال يتضمن أمرين: الأول: هو ما إذا كان لأهل مكة ومن في حكمها أن يتمتعوا أم لا . والثاني: هو ما إذا كان المقيم بين مكة والميقات يعتبر ممن أهله حاضروا المسجد الحرام أم لا. وحول النقطة الأولى فإن أهل العلم قد اختلفوا فيها اختلافا طويلا. فقال البعض إن اسم الاشارة ذلك في قول الله تعالى: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، راجع إلى الهدي والصوم، ومفهومه أن من كان أهله حاضري المسجد الحرام إذا تمتع فلا هدي عليه ولا صوم، وقال البعض الآخر: إن اسم الإشارة راجع إلى قول الله تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ، وعليه فمن كان أهله حاضري المسجد الحرام فلا تمتع له. والمرجح هو القول الأول. قال الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان: أقرب أقوال أهل العلم عندى للصواب في هذه المسألة: أن أهل مكة لهم أن يتمتعوا ويقرنوا وليس عليهم هدي ... . واختلف أيضا العلماء في تحديد من هم حاضروا المسجد الحرام، قال ابن العربي في أحكام القرآن: فيه خمسة أقوال: الأول أهل الحرم، الثاني: مكة وما قرب منها، كذي طوى، الثالث: أهل عرفة قاله الزهري، الرابع: من دون الميقات قاله أبو حنيفة، الخامس: من هو في مسافة لا تقصر الصلاة فيها قاله الشافعي. ومثل هذا في أحكام القرآن للجصاص. وقد رجح ابن العربي قولا سادسا قال: والصحيح فيه من تلزمه الجمعة فهو من حاضري المسجد الحرام. وبناء على ما تقدم فإن لك أن تتمتع بالعمرة إلى الحج كسائر الناس ولو على القول بأن ما دون المواقيت داخل في حكم حاضري المسجد الحرام، وأنك إذا كنت على مسافة تلزمك فيها الجمعة بمكة فلا هدي عليك للتمتع. وإن كنت أبعد من ذلك فالأحوط لك أن تهدي للتمتع، مع أنك قد علمت ما في المسألة من الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة