الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المال المسروق وكيفية رده

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول اللهالإخوة الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهالموضوع أو المشكلة باختصار تتلخص في السرقة، فقد أخذت مبلغاً من المال من مكان عملي منذ مايقرب العام وهذه الأموال ليست معي حاليا مع الأسرة حيث إنهم يعتقدون أنها أموالي ولكن ليس بالاستطاعة رد هذا المبلغ إلى مكانه حتى لاينكشف أمري . فهل من الممكن أن أشتري أي شىء بهذا المبلغ وأضعه في هذا المكان؟ والشيء الآخر كان سابقا يصرف لنا مبالغ إضافية إن زادت ساعات العمل ولكن انقطعت في الوقت الحالي ومازلت أعمل بهذا المكان أكثر من ساعات عملي . فهل يحق لي أن أخصم مما أدين به لهذا المكان بالله عليكم أفيدوني ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا يجوز لأحد أن يأخذ ما لا يحل له، سواء أكان سرقة أو غصباً أو اختلاساً أو تعدياً، لقوله تعالى: ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) [البقرة: 188] وقوله صلى الله عليه وسلم: " إن دمائكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " متفق عليه.
وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه من سبع أرضين" متفق عليه.
ويجب على من أخذ شيئاً بغير حق أن يرده إلى من أخذه منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: " على اليد ما أخذت حتى تؤديه" رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح. ولا يحق لك أن تتصرف بأي نوع من التغيير في هذا المال، وإن كنت تخشى الفضيحة فعليك أن تحتال بطريقة ما لإيصال المال إلى من يملكه، كأن ترسله بحوالة باسم الشركة، وتذكر بأنك في فترة ماضية أخذت هذا المال دون أن تذكر لهم اسمك أو نحو ذلك من الحيل التي تتوصل بها إلى رد الحق لأهله.
أما بالنسبة لساعات الدوام الإضافي والتي كنتم تأخذون عليها في السابق مقابلاً مادياً وقد انقطع في هذه الفترة، فإن كنتم قد تراضيتم على ذلك وأن من أنجز عمله في دوامه فله أن ينصرف، ومن لم ينجز فعليه أن يستمر حتى ينهيه دون مقابل لذلك. فلا يجوز لك أن تأخذ من هذا المال شيئاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: " المسلمون عند شروطهم" رواه البخاري تعليقاً. هذا إذا كنت قد وافقت على ذلك، أما إذا كانوا قد أخبروك بأنهم سيدفعون المقابل فلم يفعلوا، وتعذر عليك استيفاء حقك بالتطاوع، فلك أن تأخذ من هذا المال ما ثبت لك عليهم من حق في الماضي. وهذه المسألة تسمى بمسألة الظفر وهي: أن يغصب المرء حقه ويتعذر عليه أخذه من غاصبه، فيظفر بمال للغاصب سواء كان من جنس ما غصبه أو غير جنسه.
هذا ونوصيك بتقوى الله تعالى ومراقبته عز وجل، قال تعالى: ( وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير) [الحديد:4].والله أعلم.

مواد ذات صلة