الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

أحرمت للعمرة وبدأت الطواف إلى الشوط الرابع أيقنت بعده أن وضوئي انتقض ولكني استمررت في إكمال الطواف مخافة أن يكون وسوسة مني، ثم أتممت السعي كاملا دون أن أشعر بشيء ولم أقصر وأعدت الطواف في اليوم التالي وبعدها حلقت. هنا السؤال هل عمرتي صحيحه أم علي فدية أفتوني جزاكم الله خيرا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت مصابا بالوسوسة فإنك لا تلتفت إلى ما يعرض لك من وسواس بل تمضي في عبادتك معرضا عن الوساوس، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 51601.

وأما إذا لم تكن مصابا بالوسوسة فإن كان شعورك بخروج شيء منك مجرد شك فإنك تبني على الأصل وهو بقاء الطهارة فإن اليقين لا يزول بالشك. ففي الصحيحين أنه شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا.

فما لم يحصل لك اليقين بخروج شيء منك فطوافك صحيح ومن ثم فعمرتك صحيحة، وأما إذا كان اليقين قد حصل لك بانتقاض وضوئك أثناء الطواف، فقد كان يلزمك قطع الطواف وإعادة الوضوء لأن الطهارة من الحدثين شرط في صحة الطواف في قول الجمهور. قال ابن قدامة في المغني: الطَّهَارَة مِنْ الْحَدَثِ شرط لِصِحَّةِ الطَّوَافِ, فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَحْمَدَ . وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ, وَالشَّافِعِيِّ. انتهى.

وإذا كنت قد أعدت الطواف في اليوم التالي فقد كان يلزمك إعادة السعي لأن من شروط صحة السعي كونه بعد طواف صحيح.

جاء في حاشية الروض تعليقا على قول البهوتي في سياق شروط السعي: وكونه بعد طواف نسك. قال ابن قاسم: ولأنه الوارد من فعله صلى الله عليه وسلم وحكي فيه الإجماع، لخبر عائشة وغيره، فلا يجوز بدونه، ولا بعد طواف نفل، وإن سعى قبل أن يطوف لم يجزئه السعي. انتهى.

وعليه؛ فإن اللازم لك هو أن ترجعي إلى مكة فتطوفي وتسعي وتتحللي من عمرتك فإنك لا تزالين باقية على إحرامك، ويجب عليك أن تكفي فورا عما يكف عنه المحرم، وما سبق من محظورات الإحرام فإنه لا شيء عليك فيه للجهل، ويرى بعض العلماء أن ما كان من المحظورات من باب الإتلاف كالحلق وقلم الأظفار فإن فيه الفدية وهي على التخيير بين صيام ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، أو ذبح شاة، وهذا القول أحوط، وإذا لم تستطعي الذهاب لمكة لأداء النسك فحكمك حكم المحصر تتحللين بذبح وتقصرين بنية التحلل. والهدي شاة هدي، فإن لم تجدي فإنك تصومين عشرة أيام قياسا على العاجز عن هدي التمتع ثم تتحللين بعدها. وانظري الفتوى رقم: 127496.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة