الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من تعجل يوم الثاني عشر قبل الرمي

السؤال

لقد حججت ومعي ابني عمره سنة وأربعة أشهر، ولخوفي على ابني من الزحام رميت في اليوم الثاني عشر بعد منتصف الليل على قول أحد العلماء ونويت التعجل وخرجت من منى، ثم قال آخر إنه لا يجوز قبل الزوال وزوجي كان يعمل في مكة حتى المغرب ولم يتعجل فوكلته لإعادة الرمي عني، ورمى، ولخوفي أنه لا يجوز لي التوكيل، لأنني قادرة تركت ابني معه في مكة وذهبت في ضحى اليوم الثالث عشر وأعدت الرمي، ولكنني لم أرم لليوم الثالث عشر، لأنني كنت ناوية التعجل فلم أبت تلك الليلة في منى وكنت قبل الزوال، فهل رميي صحيح؟ وهل علي شيء في الرميين؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقولك: رميت في اليوم الثاني عشر بعد منتصف الليل ـ يحتمل واحدا من أمرين:

أولهما: أنك تعنين بذلك منتصف الليل من ليلة الثاني عشر أي الليلة التي دخلت بغروب شمس الحادي عشر.. فإن كان هذا هو المراد وبقيت في منى إلى ما بعد منتصف الليل فقد أديت الواجب عليك في المبيت بمنى تلك الليلة، لأن الواجب هو البقاء في منى أكثر الليل، وهذا يحصل بالبقاء فيها من أول الليل إلى ما بعد منتصفه, ولكن رميك للجمار عن ذلك اليوم قبل الفجر لا يصح , وكذا إعادته في اليوم الثالث عشر قبل الزوال لا يصح عند جمهور العلماء؛ إلا إذا كنت فعلت ذلك تقليدا لفتوى أحد من أهل العلم، وعلى مذهب الجمهور فإنك قد تركت رمي يوم من أيام التشريق، ويلزمك دم يذبح ويوزع على فقراء الحرم، وانظري الفتوى رقم: 71372، وفيها أن من أخر رمي يوم فإنه يلزمه الرمي بعد الزوال.

وإذا لم يصح الرمي لم يصح التعجل أيضا في قول كثير من أهل العلم، لأنه يشترط لصحته أن يكون بعد الزوال والرمي, قال الرملي الشافعي في نهاية المحتاج: والشرط أن ينفر بعد الزوال والرمي.

وذكر الدمياطي في إعانة الطالبين أنه يشترط للتعجل شروط فقال: بشروط إذا فقد واحد منها تعين عليه مبيت الليلة الثالثة ورمي يومها، فإن نفر حينئذ لزمه دم لترك رمي اليوم الثالث ومد لترك مبيت الليلة الثالثة إن بات الليلتين قبلها، وإلا لزمه دم أيضا لترك المبيت وهي أن يكون نفره بعد الزوال، وأن يكون بعد الرمي جميعه. اهــ.

فيلزمك على هذا القول مد لترك المبيت ليلة الثالث عشر، ويرى بعض الفقهاء أن من تعجل يوم الثاني عشر قبل الرمي صح تعجله ويلزمه دم عن ترك الرمي ولم يلزمه دم لترك مبيت ليلة الثالث عشر، وهذا القول قد أفتى به الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ فقال: فيمن تعجل يوم الثاني عشر ولم يرم: حجه صحيح، لأنه لم يترك فيه ركناً من أركان الحج، ولكنه ترك فيه ثلاث واجبات إن كان لم يبت ليلة الثاني عشر بمنى.

الواجب الأول: المبيت بمنى ليلة الثاني عشر.

الواجب الثاني: رمي الجمار في اليوم الثاني عشر.

والواجب الثالث طواف الوداع.

ويجب عليه لكل واحد منها دم. اهــ.

الاحتمال الثاني أنك تعنين بقولك: رميت في اليوم الثاني عشر بعد منتصف الليل ـ أي من ليلة الثالث عشر التي دخلت بغروب شمس الثاني عشر, فرميك للجمار حينئذ عن اليوم الثاني عشر رمي صحيح لا إشكال فيه، لأن من لم يرم نهارا فله أن يرمي في الليل, وكذا بقاؤك إلى ما بعد منتصف الليل في منى حصل به المبيت عن تلك الليلة, ولكن كان الواجب عليك أن ترمي عن ذلك اليوم، لأن من غربت عليه شمس الثاني عشر بمنى وجب عليه البقاء والرمي لليوم الثالث عشر, وإذ لم تفعلي فإنه يلزمك دم يذبح في مكة ويوزع على فقرائها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة