الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك بعض سنن العمرة لا يؤثر في صحتها

السؤال

يا شيخ أنا ذهبت للعمرة، فلما وصلنا لميقات يلملم توضأت، ثم نزلنا السيارة، ثم نويت في قلبي وقلت في قلبي: اللهم إني ذاهبة للعمرة، ثم قلت: لبيك اللهم عمرة، وأنا أردت أن أقول فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبسني حابس، لكن لم أقلها إلا بعد ما قلت لأختي متى أقوله؟ قالت قوليها ذا الحين، بعدئذ قلتها بعد ما قلت فان حبسني... الخ فهل هذا صحيح؟ أم عمرتي باطلة وتجب علي الكفارة؟ ثم لما وصلنا لمكة استأجرنا غرفة ومشطت شعري فيها وخرجت شعرات ليست بالكثيرة وليست بالقليلة يعني وسط، فهل هذا عادي أم عمرتي باطلة وتجب علي الكفارة؟ ثم جلست ألعب بظفري حتى انكسر جزء يسير منه، ثم تذكرت أني محرمة فتركته، لكن عندما دخلت الحمام لغسل غرض لي ذهب مع الماء، فهل هذا يبطل عمرتي وتجب علي الكفارة؟ بعدئذ نمنا وقمنا نعتمر فلما سعينا واعتمرنا لم أدع بالأدعية التي قالها الرسول صلى الله عليه وسلم إلا القليل في المسعى بين الصفا والمروة، لكن دعوت بالأشياء التي أريد أن تتحقق لي، ولما رقيت عند الصفا لم أدع بدعاء: الله أكبر هزم الأحزاب وحده... إلخ لم أقلها إلا مرة واحدة في الشوط الأول، والأشواط الأخرى دعوت بما أتمنى، ولم أدع بدعاء: الله أكبر هزم... إلخ فهل هذا يبطل عمرتي وتجب علي الكفارة؟ ثم بعدما انتهينا من الصفا والمروة تحللنا قامت أختي بقص شعري من أسفل وأنا شعري طبقات فقامت أختي بقص القذلة الأمامية وشعري من أسفل، سؤالي هنا: هل لا بد أن آخذ من شعري كله أم فقط من تحت؟ وهل هذا يبطل عمرتي وعلي كفارة؟ ثم رجعنا للشقة.
أريد الجواب عن كل فقرة؛ لأني أعيش في قلق أن تكون عمرتي خاطئة.
وهل إذا شككت أن عمرتي خاطئة حتى لو كانت صحيحة أن أصوم ثلاثة أيام لكي أرتاح من هذا الشك؟.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن عمرتك صحيحة إن شاء الله تعالى، ولكن نود تنبيهك إلى ما يلي:

1ـ الاشتراط في الحج أو العمرة غير واجب عند أحد من العلماء، بل إنه مختلف في مشروعيته كما بينا في الفتوى رقم: 126303، ومن ثم فإن ترك قول (وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني) أو غيرها من الصيغ التي تؤدي معنى الاشتراط لا يترتب عليه إبطال العمرة، فضلا عن تأخيره عن الإحرام بوقت قليل كما هو الحال هنا.
2ـ تمشيط المحرم شعره لا ينبغي، يقول العلامة العثيمين: تمشيط المحرم شعره لا ينبغي، لأن الذي ينبغي للمحرم أن يكون أشعث أغبر، ولا حرج عليه أن يغسله، وأما تمشيطه فإنه عرضة لتساقط الشعر. اهـ

وإذا مشط المحرم رأسه وسقطت منه شعرات (ثلاث فأكثر) ولا يعلم هل سقطت بسبب ذلك أم كانت ساقطة في الأصل فالصحيح أنه لا فدية عليه، جاء في المجموع للنووي: قال الشافعي ولو مشط لحيته فنتف شعرات لزمه الفدية فلو شك هل كان منقلعا أم انتتف بالمشط فوجهان وقيل قولان (أصحهما) لا فدية للاحتمال مع أصل البراءة. اهـ

أما لو تيقن أنها من الشعر الحي وأنها سقطت بسبب التمشيط فعليه فدية ما لم يكن ناسيا أو جاهلا عند بعض أهل العلم، وانظري الفتوى رقم: 13879، والفتوى رقم: 148649.

3ـ هذا الظفر الذي زال بنفسه لا شيء عليكَ فيه، وراجعي الفتوى رقم: 115591، والأحوط أن تتصدقي بمُدٍ من طعام، وانظري الفتوى رقم: 79788.
4ـ الدعاء بالأدعية المأثورة عند صعود الصفا أو المروة أو أثناء السعي مسنون وليس بواجب؛ فلا يترتب على تركه شيء، وراجعي الفتويين التالية أرقامهما: 138718، 191371.

5ـ اختلف أهل العلم في القدر المجزئ من تقصير شعر المرأة عند التحلل، وما فعلته مجزئ عند بعض أهل العلم، وعليه فلا شيء عليك، وراجعي الفتوى رقم: 294208.

6ـ وأما الشك في صحة العمرة فلا يؤثر فيها ما دامت صحيحة، كما أن الشك بعد العبادة لا اعتبار له حتى لا يؤدي بالمرء إلى الوسوسة، ولا يترتب عليه صوم ثلاثة أيام ولا غير ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة