الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المرأة إذا شعرت بخروج شيء من القبل في طواف الوداع

السؤال

عمري 46 عامًا، وأديت حج الفريضة هذا العام -بحمد الله-، وكنت بصحبة رفقة مع شركة؛ لأن زوجي آثر أن يؤجل الحج لعام آخر، وأديت عمرة التمتع، وبعدها اشتريت صك الهدي، ويوم التروية لم نذهب لمنى، بل ذهبنا مساء إلى عرفة، وقضيت يوم عرفة داخل الخيمة، وتحركنا من عرفة بعد الغروب، ووصلنا مزدلفة الثامنة والنصف تقريبًا، وبقينا بها حتى الساعة الواحدة صباحًا -أي أربع ساعات ونصف-، علمًا أن الليل عشر ساعات، ثم ذهبنا إلى مكة، فطفت طواف الإفاضة وسعيت، وقصرت، وعندما عدت للفندق بعد ساعتين من الطواف، اكتشفت إفرازات في ملابسي الداخلية، ولا أعلم وقت خروجها، ثم رمينا جمرة العقبة بعد المغرب بعشر دقائق، وبتنا في منى خمس ساعات. وفي أول أيام التشريق رمينا الجمرات قبل المغرب، ثم قضينا ست ساعات من الليل، ثم رمينا جمرات ثاني أيام التشريق بعد صلاة الظهر، وفي الجمرة الصغرى لم أتيقن من أن الحصاة السابعة وقعت في الحوض، فرميت غيرها، ثم ذهبنا إلى مكة، واستفتيت مفتي الحرم، فقال: إن علي دمًا؛ لأن أقل وقت للمبيت بمنى هو ست ساعات، بالإضافة إلى أن توافر مخيم يوجب المبيت طوال الليل، كما استفيته في ما حدث لي بعد طواف الإفاضة، فأفتاني أن أعيده، ومن الممكن أن أنويه مع طواف الوداع، وليس عليّ سعي بعده، ثم سألته: هل يمكن ذبح هدي بنية جبر أي نقص في الحج؟ فقال: هذه صدقة، ويمكن أن أفعل ذلك، وقال: إنه يمكن أن يذبح لي، فأعطيته مبلغًا عن ذبح المبيت في منى، والصدقة لجبر أي نقص، وكان ذلك قبل طواف الوداع، وأبلغتنا الشركة بتحضير الحقائب الساعة الثانية عشر ليلًا، وانتظار الباص بعدها، فأديت طواف الوداع، وانتهيت منه الساعة التاسعة والنصف، وقبل الطواف توضأت في الفندق، ولقلقي مما حدث في طواف الإفاضة صرفت كل تركيزي لمتابعة وضوئي، ولكني أحسست بفقاعة هواء تخرج من أعلى القبل، وكان من الصعب الخروج من الحرم والعودة للزحام. فاحتلت ونضحت فرجي بالماء، ونزعت الفوطة الحافظة، ثم توضأت بقدر يسير من ماء زمزم -نحو 150 مل-، وغسلت كل عضو مرة واحدة، ولم أعمم قدمي بالماء، وإنما مسحت ظاهر القدم والكعبين بقدر قليل من الماء، ولم يصل إلى الأعقاب أو باطن القدم، ووقتها لم أنتبه لهذا التقصير أبدًا، وأديت الطواف، وانتهيت منه، ثم جلسنا في انتظار الباص نحوًا من اثنتي عشرة ساعة، أكلنا فيها وشربنا ونمنا، وحاولت النزول لإعادة طواف الوداع قبل الفجر، فمنعني مندوب الشركة، ثم بعدها تذكرت أنني لم أعمم قدمي بالماء، وخفت على صحة الطواف، وحاولت الذهاب للإعادة، فلم يتيسر لي ذلك، وحضر الباص وقتها، فهل عليّ شيء؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فأما خروجك برفقة ناس ثقات من غير محرم، فيجيزه كثير من أهل العلم، ولا حرج عليك في العمل بهذا القول.

وأما تركك المبيت بمنى ليلة التاسع، فلا شيء فيه؛ لأن المبيت بمنى سنة لا واجب.

وأما ما وجدته من الإفرازات بعد طواف الإفاضة، فلا يؤثر في صحة الطواف؛ لأن القاعدة أن ما شك في حصوله في أحد زمنين يضاف إلى ثانيهما، ومن ثم؛ فما دامت هذه الإفرازات يحتمل خروجها بعد الطواف، فطوافك صحيح، ولا تلزمك إعادته.

ومبيتك بمزدلفة صحيح، ما دمت انصرفت بعد نصف الليل.

وإذا كان الليل عشر ساعات -كما ذكرت-، فبقيت بمنى خمس ساعات، فقد أديت الواجب في تلك الليلة، وعلى تقدير أنك في تلك الليلة بقيت بمنى أقل من نصف الليل؛ فالواجب عليك صدقة بشيء غير محدد، ولا يلزمك دم، وأما اليوم الثاني فقد حصل لك المبيت على ما ذكرت.

وأما ما شعرت بخروجه من قبلك في طواف الوداع، فالظاهر أنه مجرد وهم ووسوسة، ومن ثم؛ فلا تلتفتي إليه، وعلى تقدير كونه حقيقة، فيسعك الأخذ بقول المالكية الذين لا يرون بطلان الطهارة بالخارج النادر؛ كالريح يخرج من قبل المرأة، وقد بينا في الفتوى رقم: 125010 أنه يسع العمل بالقول المرجوح بعد وقوع الفعل، وصعوبة التدارك. وفي الفتوى رقم: 134759 بيان إمكان الأخذ ببعض رخص العلماء عند الحاجة.

وعليه؛ فطوافك للوداع صحيح -إن شاء الله-.

وأما انتظارك بعده المدة المذكورة، فلا يضر ما دمت كنت متأهبة للسفر، منتظرة للراحلة التي تقلكم، ولم يكن يلزمك إعادته، وانظري الفتوى رقم: 130506.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة