الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ميقات من أراد العمرة وهو بمكة

السؤال

كان والدى يريد أن يعتمر عمرة ثانية، وقد أتى إلى مكة منذ أسبوعين معتمراً، وأتم عمرته يوم وصوله ولله الحمد.
في المرة الثانية قدت السيارة إلى حد الحرم من جهة الشرائع بمكة المكرمة، وحد الحرم موجود أسفل الكوبري؛ لذا قمت بالالتفاف من أسفل الكوبري من جهة نهاية حد الحرم، حسب ما هو مكتوب على الحد.
وقد سألت بعض الزملاء وقالو إنه كان يجب علي أن أراه من جهة بداية حد الحرم، ولم تمر السيارة من هذه الجهة. مع العلم أن المسافة بيني وبين الحد لا تتعدى 3 أمتار.
هل على والدي كفارة لأنه لم يخرج من حد الحرم، وإن كنا واقفين عند الحد نفسه؟
وإن وجدت كفارة. هل يمكنني القيام بالكفارة عنه؛ لأنه ليس له ذنب بجهلي في هذا الأمر؟
ولكم جزيل الشكر، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فمن كان في مكة وأراد العمرة، فإنه يحرم من الحل لا من الحرم.

جاء في الموسوعة الفقهية: أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمِرَ الْمَكِّيَّ لاَ بُدَّ لَهُ مِنَ الْخُرُوجِ إلَى الْحِل، ثُمَّ يُحْرِمُ مِنَ الْحِل؛ لِيَجْمَعَ فِي النُّسُكِ بَيْنَ الْحِل وَالْحَرَمِ، ... وَالْمُرَادُ بِالْمَكِّيِّ هُوَ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَمْ لاَ ... اهــ.
وفي الموسوعة أيضا: مِيقَاتُ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ غَيْرِ أَهْلِهَا، الْحِل مِنْ أَيِّ مَكَانٍ، وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْحَرَمِ، وَلَوْ بِخُطْوَةٍ. اهــ.
وقال النووي: يَجِب الْخُرُوج لإِحْرَامِ الْعُمْرَة إِلَى أَدْنَى الْحِلّ، وَأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحَرَم وَلَمْ يَخْرُج، لَزِمَهُ دَم. وَقَالَ عَطَاء: لا شَيْء عَلَيْهِ. اهــ.
وما ذكرتَه من ذهابكم إلى حدود الحرم، نقول فيه: إن كان والدك تجاوز حد الحرم ولو بخطوة واحدة -كما مر معنا- وأحرم من الحل، أو كان قد أحرم قبل ذلك من الحرم، وخرج إلى الحل لو بخطوة واحدة، فلا شيء عليه.

وإن وقف عند حد الحرم ولم يتجاوزه، فعليه دم؛ لأنه لم يخرج إلى الحل، وإن شككتم هل خرج أم لا؟ فالأصل أنه لم يخرج إلى الحل، فيلزمه دم، وإن وجب عليه دم وأردت أن تخرجه أنت بإذنه، فلا بأس. وللفائدة يمكن مراجعة الفتوى: 134205.

والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة