الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من نزل عليها الدم أثناء طواف القدوم فاغتسلت وأكملت الطواف وأفعال الحج

السؤال

أثناء طواف القدوم في الحج، نزل دم على زوجتي، فاغتسلت، ثم أكملت الطواف، وأفعال الحج -من وقوف بعرفة، ورمي الجمرات، وطواف الوداع-، فهل عليها هدي؟ وهل يمكن إرسال ثمن الهدي -إن وجد- مع أحد أصدقائي الذاهبين للحج؛ للحصول على صك الهدي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة، والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:

فنقول ابتداء: إن طواف القدوم إنما يكون للحاج المفرد والقارن عند دخوله مكة دون المتمتع؛ لأن المتمتع طوافه أول مقدمه يكون للعمرة.

فإذا كانت زوجتك قد أحرمت مفرِدةً، أو قارنة، فإن طوافها للقدوم سنة مستحبة، في قول جمهور أهل العلم، وليس واجبًا، ولا ركنًا في الحج، ولا يلزم بتركه دم.

وخروج الدم ناقض للوضوء، ويبطل به الطواف، ولا يلزم منه الغسل، وإنما الاستنجاء فقط، والوضوء.

فإذا خرجت زوجتك من الطواف، وتوضأت ورجعت، وأكملت أشواطها، فقد تم طوافها، لا سيما إذا كان الفصل بين أشواط الطواف يسيرًا، وهذا كله إذا لم يكن الدم الخارج منها دم حيض، فإن كان دم حيضٍ، فإنه يمنعها من الطواف حتى تطهر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لما حاضت في الحج: اِفْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ, غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ، حَتَّى تَطْهُرِي. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وقد أحسنت في قيامها بأفعال الحج من الوقوف بعرفة، ورمي الجمار، والمبيت بمنى ومزدلفة؛ لأن هذه لا يشترط لها الطهر من الحيض، ولكن لا تطوف للإفاضة إلا بعد أن تطهر؛ لأن الطهارة شرط لصحة الطواف، في قول جمهور أهل العلم، ويرى الحنفية أن الطهارة للطواف واجبة، وأنه ينجبر بدم، وليست الطهارة شرطًا في صحته، والدم عندهم في طواف القدوم للمحدث حدثًا أكبر شاة، وقيل: لا شيء عليه، جاء في الجوهرة النيرة: وَمَنْ طَافَ طَوَافَ الْقُدُومِ مُحْدِثًا، فَعَلَيْهِ صَدَقَةٌ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا، فَعَلَيْهِ شَاةٌ، قَالَ الْخُجَنْدِيُّ: وَحُكْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ كَحُكْمِ الْجُنُبِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ: لَوْ طَافَ لِلْقُدُومِ مُحْدِثًا، أَوْ جُنُبًا، لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَهُ أَصْلًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَكَذَا إذَا تَرَكَ الطَّهَارَةَ فِيهِ. اهـ.

فإن كانت زوجتك طافت وهي حائض -بناء على القول بأن الطهارة واجبة، وليست شرطًا-، فطوافها صحيح.

والأحوط أن تذبح شاة، ولا حرج في إرسال ثمنها، وتوكيل من يذبح عنها بمكة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة