الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجزئ في الأضحية ما بقي له ثلاثة أيام لإكمال السن المجزئ؟

السؤال

هل يجزئ في الأضحية ما بقي له يوم، أو يومان، أو ثلاثة أيام؟ فالمولود من الضأن يوم 11و12و13 من شهر جمادى الآخرة، هل تجزئ في الأضحية؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالذي يظهر من كلام أهل العلم أن الأضحية لا بدّ فيها من بلوغ السن المحدد شرعًا, فإن نقصت عنه, فإنها لا تجزئ، ولو كان النقص يسيرًا، كاليوم, أو اليومين، وإليك بعض كلام أهل العلم في هذه المسألة:

قال الدردير المالكي في الشرح الكبير: وهي: بجذع ضأن (وثني معز، ذي سنة) راجع لجذع الضأن، وثني المعز، فلا بد من أن يوفي كل منهما سنة، لكن يشترط في ثني المعز أن يدخل في الثانية دخولًا بيّنًا، كشهر، بخلاف الضأن، فيكفي فيه مجرد الدخول، والعبرة بالسنة، فلو ولد الضأن يوم عرفة في العام الماضي، كفى ذبحه يوم النحر، وكذا لو ولد يوم النحر؛ لجاز ذبحه في ثانيه، وثالثه، في القابل فيما يظهر. اهـ.

وقال البهوتي الحنبلي كشاف القناع: و) لا (يجزئ إلا الثني مما سواه) أي: الضأن (فثني الإبل: ما كمل له خمس سنين)

(و) ثني (بقر) ما له (سنتان) كاملتان.

(و) ثني (معز) ما له (سنة) كاملة؛ لحديث «لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عسر عليكم، فاذبحوا الجذع من الضأن»؛ لأنه قبل ذلك لا يلقح، (ويجزئ أعلى سنًّا مما ذكر)؛ لأنه أولى، والحصر فيما تقدم إضافي، فالمعنى: لا يجزئ أدون مما تقدم. اهـ.

وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: من شروط الأضحية: أن تكون قد بلغت السن المعتبرة شرعًا، فإن كانت دونه، لم تجزئ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن تعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن»، وخص الضأن دون المعز؛ لأنه أطيب لحمًا، فقوله: «لا تذبحوا إلا مسنة» أي: ثنية «إلا إن تعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن»، فإن كان دون ذلك، فإنها لا تجزئ. اهـ.

وقال الأنصاري الشافعي في أسنى المطالب: (ولا) يجزئ (أقل من جذع الضأن، وثني المعز والإبل والبقر، والجذع ذو سنة) تامة، نعم، إن أجذع قبلها، أي: أسقط سنه، أجزأ، كما لو تمت السنة قبل أن يجذع، ولعموم خبر أحمد، وغيره «ضحوا بالجذع من الضأن»، فإنه جائز ويكون ذلك كالبلوغ بالسن، أو الاحتلام، فإنه يكفي فيه أسبقهما، وبه صرح الأصل (والمعز والبقر) أي: الثني منهما (ذو سنتين) تامتين (والإبل) أي: الثني منها (ذو خمس سنين تامة) لخبر مسلم: لا تذبحوا إلا مسنة، إلا إن تعسر عليكم، فاذبحوا جذعة من الضأن. اهـ.

وإن كان السؤال عن خصوص الضأن, فإنه يجزئ ضحية -عند كثير من أهل العلم- إذا بلغ ستة أشهر كاملة، جاء في مطالب أولى النهى للرحيباني الحنبلي: (ولا يجزئ) في هدي واجب، ولا أضحية (دون جذع ضأن) وهو (ما له ستة أشهر) كوامل؛ لحديث: «يجزئ الجذع من الضأن أضحية» رواه ابن ماجه. والهدي مثلها. اهـ.

وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: قوله: «والضأن نصفُها»، أي: نصفُ سنة «ستة أشهر هلالية، ولا عبرة بالأشهر غير الهلالية؛ لأن الله يقول: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} [البقرة:189] ... فإذا قال: وُلد هذا الخروف أول يوم من محرم، فإنه يتم ستة أشهر آخر جمادى الثانية. اهـ.

وقال الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: والجذعُ من الضأن ما تمت له ستة أشهر، في مذهب الفقهاء، وذكر الزعفراني أنه ابن سبعة أشهر. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة