الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الأخذ من الشعر والأظفار بعد نية الأضحية، وهل يؤثر على صحتها

السؤال

أخي أخذ من شعره وأظفاره في الستة الأيام الأولى من ذي الحجة, وقرر أن يضحي الآن, فهل عليه شيء؟ وهل تجوز الأضحية؟ وأرجو توضيح حكم من أخذ من شعره وأظفاره بعد النية, وهل تصح أضحيته؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:

ففي صحيح مسلم، من حديث أم سلمة - رضي الله عنها - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئًا.

وله في رواية: إذا دخل العشر وعنده أضحية يريد أن يضحي، فلا يأخذن شعرًا، ولا يقلمن ظفرًا.

وعليه, فلا شيء على أخيك في ما مضى, ما دام لم يكن مريدًا للتضحية، فإن أرادها بعد ذلك خلال العشر تعلق به حكم الأخذ ابتداءً من وقت النية.

وتجوز الأضحية - ولو لم ينوها الإنسان خلال العشر - فله أن يضحي في يوم العيد, وفي أيام التشريق بعده.

وأما حكم الأخذ من الشعر والظفر لمريد التضحية: فقد اختلف فيه العلماء, قال النووي - رحمه الله - في شرح مسلم: اختلف العلماء فيمن دخلت عليه عشر ذي الحجة, وأراد أن يضحي، فقال سعيد بن المسيب, وربيعة, وأحمد, وإسحاق, وداود, وبعض أصحاب الشافعي: إنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره؛ حتى يضحي في وقت الأضحية.

وقال الشافعي وأصحابه: هو مكروه كراهة تنزيه, وليس بحرام .. واحتج من حرم بهذه الأحاديث، واحتج الشافعي والآخرون بحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم يقلده, ويبعث به, ولا يحرم عليه شيء أحله الله حتى ينحر هديه". رواه البخاري ومسلم.

قال الشافعي: البعث بالهدي أكثر من إرادة التضحية, فدل على أنه لا يحرم ذلك، وحمل أحاديث النهي على كراهة التنزيه.

قال أصحابنا: والمراد بالنهي عن أخذ الظفر والشعر النهيُ عن إزالة الظفر بقلْم, أو كسر, أو غيره، والمنعُ من إزالة الشعر بحلق, أو تقصير, أو نتف, أو إحراق, أو أخذه بِنَورة, أو غير ذلك، وسواء شعرُ الإبط, والشارب, والعانة, والرأس, وغير ذلك من شعور بدنه .. قال أصحابنا: والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار. انتهى.

ولا شك أن الأحوط عدم الأخذ؛ خروجًا من خلاف من حرّمه.

وعليه, فإن أخذ شيئًا من ذلك لزمه الاستغفار، ولا فدية عليه.

وسواء قيل بالتحريم أم بالكراهة، فلا يؤثر الأخذ من الشعر على صحة الأضحية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة