الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز للمفرِد تجاوز الميقات دون إحرام؟

السؤال

أنا مقيم بمكة المكرمة، ووالدي ينوي أن يأتي إليّ في زيارة، وخلال الزيارة سيقوم -إن شاء الله- بالحج مفردًا حجًّا بدون عمرة، فهل يلزمه الإحرام للحج قبل أن يأتي إلى مكة من الميقات؟ مع العلم أنه سيقيم معي قرابة الشهر قبل الحج، وما الحكم لو تجاوز الميقات بدون إحرام، وأحرم من مكان إقامته بمكة للحج؟ وجزاكم الله عنا خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فكل من قصد مكة ناويًا الحج أو العمرة وجب عليه أن يحرم من الميقات إذا كان مكانه خارج حدود المواقيت، ولا يجوز له تأخير الإحرام إلى مكة، كما أن من كان دون الميقات، وأراد النسك فإنه يحرم من مكانه، ولا يجوز له تأخير الإحرام إلى مكة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما حدد المواقيت: هُنَّ لَهُنَّ، وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ. متفق عليه.

وعليه؛ فلا يجوز لأبيك أن يتجاوز الميقات دون إحرام ما دام ينوي الحج، فإن تجاوزه وجب عليه الرجوع، فإن لم يرجع، وأحرم دون الميقات، لزمه دم؛ لفوات واجب، وهو الإحرام من الميقات، جاء في الموسوعة الفقهية: مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ قَاصِدًا الْحَجَّ، أَوِ الْعُمْرَةَ، أَوِ الْقِرَانَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، أَثِمَ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ إِلَيْهِ، وَالإْحْرَامُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ، سَوَاءٌ تَرَكَ الْعَوْدَ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا عَامِدًا، أَوْ جَاهِلاً، أَوْ نَاسِيًا، لَكِنْ مَنْ تَرَكَ الْعَوْدَ لِعُذْرٍ لاَ يَأْثَمُ بِتَرْكِ الرُّجُوعِ، وَمِنَ الْعُذْرِ خَوْفُ فَوَاتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِضِيقِ الْوَقْتِ، أَوِ الْمَرَضِ الشَّاقِّ، أَوْ خَوْفِ فَوَاتِ الرُّفْقَةِ، وَذَلِكَ مَوْضِعُ وِفَاقٍ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ. اهــ.

وإذا أحرم والدك ودخل مكة ـ والحال أنه مفرد ـ فعليه أن يبقى على إحرامه حتى يرمي جمرة العقبة، ويحلق رأسه، أو يقصره، وبذلك يكون تحلل التحلل الأصغر، فيحل له ما كان محرمًا عليه بسبب الإحرام، إلا الجماع، فلا يحل له إلا بالتحلل الأكبر، وذلك يكون بالفراغ من طواف الإفاضة، والسعي إن لم يكن قد سعى من قبل، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: التحلل من الإحرام بالحج للرجل، والمرأة يكون بعد رمي جمرة العقبة، وحلق الرجل رأسه، أو تقصير شعره، وليس للمرأة إلا التقصير، فيحل لكل منهما بذلك كل شيء كان محرمًا عليهما بالإحرام، إلا الجماع، أما التحلل الأكبر فيكون بالفراغ من طواف الإفاضة، والسعي إذا كان عليه سعي، فيحل لهما كل شيء كان محرمًا عليهما بالإحرام حتى الجماع. اهـ

ولمعرفة صفة وأعمال حج المفرد راجع فتوانا رقم: 13743.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة