الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط الاعتمار عن الغير إذا كان حيا

السؤال

كما نعلم أنه إذا دعا أحد لك بالخير فقد ينفع هذا الدعاء في الآخرة، ولكن سؤالي إذا قمت بعمل خير لشخص متوفى أو لشخص حي ولكن لم تعلمه في حياته بأنك قمت له بهذا العمل، فهل يستطيع أن يدعو لك بالخير بعد موته عندما يعلم بما قمت به من أجله، وهل تستفيد من دعائه إذا كان يستطيع أن يدعو لك بالخير بعد وفاته، فأنا أنوي السفر لأداء العمرة إن شاء الله، وأنوي أداء عمرة عن جدتي كونها لا تقوى على السفر، ولكن لا أريد أن أخبرها بذلك حتى لا يختلف تعاملها معي عن بقية أحفادها، لأنكم تعلمون أنه قد يكون هذا سبب لعدم العدل في التعامل وقد يولد البغضاء بيني وبين بقية أحفادها، ولكن أيضا أريد أن أستفيد من دعائها لي، فهي قضت سنوات كثيرة وهي تستنفذ جميع وقتها في الصلاة والتسبيح، وأظنها وصلة مرحلة إيمانية كبيرة، فهل إذا علمت بما قمت به لها من عمرة بعد وفاتها من الممكن أن تدعو لي بالخير وأن يستجاب الدعاء؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت جدتك غير قادرة على السفر، وعاجزة عن أداء العمرة بنفسها عجزاً كلياً فإنه يجوز لك أن تعتمر عنها، إلا أن جواز ذلك وهي حية مشروط بشرطين اثنين:

1- أن تكون قد اعتمرت أنت عن نفسك أولاً.

2- أن يكون ذلك بإذنها، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز الحج والعمرة عن حي إلا بإذنه، فرضا كان أو تطوعاً، لأنها عبادة تدخلها النيابة، فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه كالزكاة، فأما الميت فتجوز عنه بغير إذن، واجباً كان أو تطوعاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالحج عن الميت وقد علم أنه لا إذن له، وما جاز فرضه جاز نفله، كالصدقة، فعلى هذا كل ما يفعله النائب عن المستنيب مما لم يؤمر به، مثل أن يؤمر بحج فيعتمر، أو بعمرة فيحج، يقع عن الميت، لأنه يصح عنه من غير إذنه، ولا يقع عن الحي لعدم إذنه فيه.

فيجب عليك إذاً إخبار جدتك وأخذ إذنها، ويمكنك أن تطلب منها عدم إخبار غيرك باعتمارك عنها، إذا كنت تخشى من الشحناء والبغضاء بينك وبين بقية أحفادها إذا علموا بما قمت به، وأن لا تعاملك أمامهم بما يثير هذا الشقاق بينكم، هذا إذا كنت ستؤدي العمرة أساساً على أنها عمرة عن جدتك، أما إذا كنت ستؤديها عن نفسك ثم بعد ذلك تهب ثوابها لجدتك فذلك جائز على الراجح من كلام أهل العلم، ولا يشترط حينئذ إذنها ولا إعلامها.

وأما عن دعاء الميت للحي فالأصل أن عمل الميت ينقطع بوفاته إلا ما ورد النص بعدم انقطاعه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له. رواه مسلم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيراً. رواه مسلم أيضاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة