الوقار سيما الصالحين

0 881

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، وبعد فحري بالمسلم أن يتحلى بكل ما يزينه ويحمله من مكارم الأخلاق، ويبتعد عن كل ما يشينه ويسيء إليه.
وإن من مكارم الأخلاق التي يجدر بالمسلم أن يتحلى بها خلق الوقار، ونستطيع القول: إن الوقار صفة تنتج عن التحلي بمجموعة من الأخلاق الكريمة الأخرى كالحلم والسكينة والرزانة والوداعة والثبات. ولهذا عرفه بعضهم بأنه: التأني في التوجه نحو المطالب.
وعرفه الجاحظ بأنه: الإمساك عن فضول الكلام والعبث، وكثرة الإشارة والحركة فيما يستغنى عن التحرك فيه، وقلة الغضب والإصغاء عن الاستفهام، والتوقف عن الجواب والتحفظ من التسرع والمباكرة في جميع الأمور.
وقد حرص الشرع المطهر على تحلية المؤمنين بحلية الوقار وزينته، ففي أمر من أهم أمور المسلمين في دينهم يحثهم نبي الإسلام على الوقار حين يقول صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".

وإذا كان المسلم مطالبا بذلك فأجدر بأهل العلم والديانة أن يحرصوا عليه ويتحلوا به. وهكذا كان العلماء من السلف رضي الله عنهم؛ فهذا الإمام مالك رحمه الله كان إذا أراد أن يحدث تنظف وتطيب، وسرح لحيته، ولبس أحسن الثياب، وقد ألقى الله عليه الوقار حتى قيل فيه:
يدع الجواب ولا يراجـع هيبة     والسائـلـون نـواكس الأذقــان
نور الوقار وعز سلطان التقى      فهو المهيب وليس ذا سلطان

وهكذا أوصى ابن مسعود رضي الله عنه أهل القرآن فقال: ينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيا محزونا، حكيما حليما سكينا، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيا ولا غافلا ولا ضحايا، ولا صياحا ولا حديدا".
وقال الحسن رحمه الله: قد كان الرجل يطلب العلم يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشيه، وهديه ولسانه، وبصره، وبره.
إن القلب إن كان حيا وكان بالوجه حياء حمل صاحبه على الوقار، فيوقر غيره ويتوقر هو في نفسه.
وعلى قدر توقير العبد وتعظيمه لربه يكون توقير الخلق له. فمن عظم الله ووقره زرع الله له المحبة والتوقير في قلوب الخلق.
ومن استهان بحق الله تعالى وضعف في قلبه توقير الرب، فتجرأ على معاصيه وحدوده وضيع أوامره وفرائضه، فإن الله لا يلقي له في قلوب الناس وقارا ولا هيبة، وإن وقره بعض الخلق اتقاء شره فذاك وقار بغض لا وقار حب ولا تعظيم.

وأخيرا: ما أحسن ما قال الشاعر:
انطــق مـصـيبا لا تكــن هــذرا      عـيابـة ناطـقا بالفحـش والريـب
وكن رزينا طويل الصمت ذا فكر               فإن نطقت فلا تكثر من الخطب
ولا تجــب سـائلا من غير تروية           وبالذي مثله لم تسأل فلا تجب

نسأل الله تعالى أن يزيننا بزينة الإيمان وأن يحلينا بحلية الوقار..

 

مواد ذات صلة

المقالات

المكتبة