هل هناك توهم مرضي بالإصابة بأمراض نفسية؟

0 223

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

قرأت مسبقا عن التوهم المرضي، وأنا من الناس الذين لديهم ميول أو استعداد للقلق والوسوسة، فمثلا إذا تعرضت لأي حدث في حياتي مثل: القراءة عن مرض ما، أو سماع أن شخصا ما قد توفي بمرض ما، أو أن أحدهم أصيب بمرض ما، فإني أقوم بالبحث والقراءة عنه، ومن ثم أتوهم إصابتي بهذا المرض أو جزء منه، والأدهى والأمر أني لا أتوهم فقط إصابتي أنا، ولكن إن مرض أحد أفراد أسرتي أو شعر بشيء ما أقوم بالبحث عن حل بالمواقع، وأجد بعض الأمراض تحمل نفس أو بعض أعراض هذا المرض، فأتوهم الإصابة به.

وسؤالي هو: أني حاليا أشعر كما لو أني مريضة نفسيا فعلا، فمرة أقول بأني مصابة بالاكتئاب، ومرة أقول بأني مصابة باختلال الآنية، مع أني لم أكن أعلم به من قبل، ولكن بعد اطلاعي عليه وقراءتي عنه، أصبحت أشك بإصابتي به، ومرة أقول بأني مصابة بوسواس قهري في الأفكار، ومرة أقول بأني مصابة بقلق عام، وذلك كله استنتجته نتيجة وجود بعض أعراض هذه الأمراض لدي، ولا أعلم هل حقا أنا مصابة أم أني أتوهم ؟ وهل هناك توهم مرضي يكون بتوهم (الإصابة بأمراض نفسية؟

أحب أن أذكر بأني كثيرة الفراغ أيضا، ولا أعلم إن كان هذا سببا ثانويا أم لا؟ مع أني كنت قبل أن أتفرغ طالبة مجتهدة جدا، وحماسي ونشاطي يظهر في كل أفعالي، وكنت المرجع لأغلب أفراد أسرتي، كوني اتصف بالحكمة واللباقة، وكنت باختصار عضوا فعالا في المجتمع، وخططي كانت كثيرة، وارتباطاتي أيضا، ولكن بعدما أجرى والدي هذه العملية التي تتعلق بمرضه العضوي أصبحت كثيرة التفكير والتحليل والبحث بالمواقع، حتى انعكس الحال علي فأصبحت أبحث عن علاج حالتي بدلا عن والدي.

وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

هنالك ظواهر كثيرة جدا منها التوهم المرضي، ومنها المخاوف المرضية، ومنها ما يعرف بالمراء المرضي، وهو القناعة المطلقة أن الشخص مصاب بمرض ما دون أن يكون قد أصيب به، وهنالك ما يعرف بالتماهي مع الأعراض، أي أن الإنسان تأتيه أعراض قد أصابت شخصا آخر يكون قريبا منه مثلا... وهكذا.

إذا هذه الظواهر موجودة، وأنا لا أعتقد أنك تعانين من توهم مرضي، أنت تعانين من مخاوف وسواسية حول الأمراض، وهذه قطعا تشغلك كثيرا، وتؤدي إلى ما يعرف بالتأثير الإيحائي، يعني: اطلاعك على مرض معين أو القراءة حوله أو الخوف منه أو إذا أصاب أحد أقربائك - لا قدر الله - هنا سوف يأتيك الشعور أن نفس الأعراض ابتدأت تفصل عليك، وهذا معروف جدا، وأيضا الإنسان يدعم ذلك بالقراءة حول المرض، وهذا قطعا يؤدي إلى تعزيز المخاوف المرضية والوسوسة حولها.

وهناك ظواهر كثيرة جدا نشاهدها، مثلا طلاب الطب، ففي بدايات دراستهم للطب كثيرا حينما يسمعون عن الأمراض، أو يقرؤون عنها، ويشاهدون مرضى يأتيهم شعور كأن هذا المرض هو نفسه مصاب به.

فإذا هنالك تأثيرات إيحائية كبيرة جدا على الناس، والناس يتفاوتون في شخصياتهم ودرجة تحملهم، بمعنى أن هناك أشخاصا لديهم القابلية أصلا للمخاوف وللوساوس المرضية، مما يجعلهم يقعون فيما ذكرت، والأمراض النفسية يصاب الناس بتوهمات فيها والخوف منها والوسوسة بها، خاصة إذا كان الإنسان كثير الاطلاع عن هذه الأمراض، أو يعرف شخصا قد أصيب بها.

فما تتحدثين عنه -أيتها الفاضلة الكريمة- هي ظاهرة معروفة جدا، وتخوفك من المرض وعلاقتك بوالدك، هذا كله علل معروفة.

ظاهر (اضطراب الأنية Depersonalization) ظاهرة غامضة جدا، وغير واضحة المعالم، حتى بالنسبة لكثير من الأطباء، وهنا حين يقرأ الإنسان عنها قد يصاب بقلق ووسوسة وخوف أكثر، وربما توهم أنه يعاني من هذه الحالة.

أيتها الفاضلة الكريمة: لا تكثري من الاطلاع حول الأمراض، حيث كل ما يكتب ليس صحيحا، كوني حازمة جدا مع نفسك ألا تفصلي الأعراض على نفسك، ولا بد أن تستفيدي من الفراغ: الفراغ الذهني والفراغ الزمني كلاهما يؤدي إلى كثير من المخاوف والتوترات، واعرفي -أيتها الفاضلة الكريمة- أن حسن إدارة الوقت أمر جميل، وأن الواجبات أكثر من الأوقات، ضعي خارطة ذهنية واضحة أمامك لتديري من خلالها يومك: النوم المبكر مهم جدا، وتجنب النوم النهاري جيد، وممارسة الرياضة مفيدة، والاطلاع، والقراءة، والانشغال مع الأسرة في أعمال البيت وخلافه، والانضمام لعمل خيري، والذهاب إلى مراكز تحفيظ القرآن..، هناك أشياء عظيمة جدا يمكن للإنسان أن يقوم بها ويستفيد من وقته.

بالنسبة للذين يعانون من المخاوف المرضية: أنا وجدت من المفيد جدا بالنسبة لهؤلاء إذا كانت لهم علاقة علاجية جيدة مع أحد الأطباء، وطبيبة الأسرة قد تكون إنسانة مناسبة جدا، كنوع من الصداقة، ونوع من العلاقة، وأن يزور الإنسان طبيبه كل ثلاثة إلى أربعة أشهر لإجراء فحوصات عامة فيه خير كثير.

قطعا هنالك أدوية جيدة جدا لعلاج المخاوف المرضية، ومنها العقار المعروف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات