الوساوس تراودني من حين إلى آخر، فماذا أفعل؟

0 11

السؤال

السلام عليكم.

وأنا صغير كانت أمي شديدة الخوف والحرص علينا، وتعلمت منها الخوف حين تكون هناك رياح شديدة أو عواصف، أو رعد، وبعد أن كبرت قليلا بدأت أخاف على والدي من الموت، ولكن الوسواس اختفى ثم ظهر بقوة، وأنا في عمر ٢٢ عاما أصبت بوسواس أنني مريض، وانتفل إلى وسواس الخوف من الموت، ولكن هذه الوساوس اختفت من تلقاء نفسها، ثم جاءني الوسواس بعد فترة وكان وسواس الخوف من الجنون واختفى أيضا، ثم جاءني الآن بقوة.

وأنا في عمر 35 عاما جاءني وسواس الإيذاء، فتأتيني فكرة أن أصيب أبنائي أو نفسي أو حتى أصحابي؛ مما يتسبب في خوف شديد ينتابني، غير أنني لا أستطيع النوم وتناول الطعام بصورة طبيعية، فخسرت حوالي ١٠ كيلو من وزني، فلاحظ الناس المرض علي، وهذه المرة ذهبت إلى الطبيب، فكتب لي دواء سيرباس ١٠٠مجم نصف حبة بعد الإفطار وحبة بعد العشاء، فهل ذلك يكفي لعلاج الوساوس التي تراودني من حين لآخر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

قلق المخاوف يبدأ لدى الكثير من الناس منذ الطفولة المبكرة، بمعنى أن الطفل قد يكون تعرض لموقف فيه شيء من الخوف، أو أن هناك حماية زائدة مفروضة على الطفل – كما في حالتك – فهذه حقيقة تؤدي لإنقاص الكفاءة النفسية عند الطفل لمواجهة المواقف التي قد يكون فيها شيء من الخوف.

لكن هذا أمر عام وأمر شائع، والآن أنت الحمد لله تعالى في مرحلة عمرية تعتمد فيها تماما على نفسك، وليس هنالك شيء حقيقي يجعلك أن تكون متخوفا أو موسوسا، والمفروض والمطلوب منك هو حقيقة أن تواجه هذه الأعراض بالتحقير والتجاهل وصرف الانتباه، هذه هي الأسس الثلاثة المهمة جدا لعلاج القلق والخوف وكذلك الوسوسة.

وكن – يا أخي – دائما في الجانب الإيجابي من التفكير، أنت لديك أشياء طيبة وجميلة في حياتك، كما أنه يجب أن تسعى دائما للتخلص من الفراغ – الفراغ الذهني، الفراغ الزمني – وتحسن إدارة وقتك، هذا مهم جدا. وأيضا أن تحرص على القيام بالواجبات الاجتماعية والتواصل الاجتماعي، وأن تكون لك أهداف إيجابية في الحياة.

هذه التوجيهات مهمة جدا لكي يتخلص الإنسان من القلق والخوف والوسوسة، بل يوجه هذه الطاقات ويحولها من طاقات نفسية سلبية إلى طاقات نفسية إيجابية.

أخي: سيكون من الجميل جدا إذا خططت لبعض البرامج العلاجية السلوكية الخاصة، هنالك ثلاث برامج سهلة جدا يمكن أن تطبقها لوحدك:
ابدأ بأن تكتب كل أعراض الوسوسة والخوف التي تعاني منها، ابدأ بأقلها وانتهي بأشدها، ثم تعامل مع كل فكرة وسواسية أو فكرة خوف من خلال تطبيقات ثلاثة:

التطبيق الأول هو ما نسميه بـ (إيقاف الأفكار): خاطب الفكرة قائلا: (أقف، أقف، أقف، أنت فكرة حقيرة، أنا لن أهتم بك)، تكرر هذا عدة مرات حتى تحس بالإجهاد.

والتمرين الثاني هو ما نسميه بـ (صرف الانتباه): أن تفكر في الفكرة الوسواسية لبرهة قصيرة، ولا تدخل في تحليلها، ثم فجأة انقل فكرك لأمر آخر، مثلا تأمل في الشمس، تأمل في القمر، ابدأ في التدبر والتمعن في التنفس لديك، وقم بعد التنفس لمدة دقيقتين، وتأمل وتصور كيف أن الهواء والأكسجين يدخل في الرئتين، وكيف أن الأكسجين ينتشر في الجسم من خلال الدم، ... وهكذا، المهم أن تستجلب أي فكرة تطغى على فكرة الخوف والوساوس، هذه نسميه بصرف الانتباه.

والتمرين الثالث نسميه بتمرين (التنفير): بأن تربط الفكرة الوسواسية أو فكرة الخوف مع شيء منفر، مثلا تتصور كارثة احتراق طائرة أمامك، طبعا أنا أقول لا قدر الله، لكن بهدف العلاج عرض نفسك لمثل هذا الموقف، أو قم مثلا بالجلوس أمام طاولة واضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بألم شديد، الربط ما بين إيقاع الألم والوسوسة يضعفها تماما. هذا التمرين يطبق عشرين إلى ثلاثين مرة متتالية، بمعدل مرتين في اليوم.

إذا طبقت هذه التمارين بدقة لمدة أسبوعين أو ثلاثة سوف تجد أن الوساوس قد بدأت تتفكك وتتهشش وتنتهي إن شاء الله تعالى.

بالنسبة للدواء: العقار الذي وصفه لك الطبيب وهو الـ (سيرباس) وهو الـ (سيرترالين) من الأدوية الممتازة جدا، وأنا أعتقد أنك يمكن أن تأخذ الدواء كجرعة واحدة في المساء، مائة مليجرام هي جرعة ممتازة وجيدة، واستمر عليها، علما بأن الجرعة يمكن أن تكون حتى مائتين مليجرام، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لذلك. إذا لم تتحسن ارفع الجرعة إلى مائة وخمسين مليجراما في اليوم بعد مشاورة طبيبك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات