فَضْح المجاهرين بالمعاصي المُرَوِّجين للفاحشة.. رؤية شرعية أخلاقية

0 334

السؤال

هل يجوز شرعا تتبع عورات بعض الفنانين أو الفنانات التي تقوم بأعمال مخلة أخلاقيا في أفلامها من عري وقبلات وأحضان وتعر أمام الكاميرات؟ وهل يجوز نشر هذه الأشياء وفضح أصحاب هذه الأعمال التي تسيء للإسلام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل أنه لا يجوز تتبع عورات المسلمين, ولا التجسس عليهم, ولا التفتيش عن زلاتهم, ولا اغتيابهم؛ فقد قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم {الحجرات:12}، وقال صلى الله عليه وسلم: يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته رواه أبو داود، ولمزيد بيان انظر الفتويين رقم: 16126  117221.

ولكن إن وجد من يعصي الله عز وجل، ويجاهر بمعصيته له، بل ويسعى في نشر فسقه بقدر المستطاع عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولا يبالي بما يقال عنه بسبب ذلك فهذا ذمه وذكره بما فيه من المخازي ليس بغيبة؛ لأنه أسقط حرمته بنفسه، وهو بعمله هذا متوعد من الله تعالى بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة لرغبته في أن تشيع الفاحشة وتنتشر وتروج في الذين آمنوا، قال الله تعالى: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون {النور:19}. قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: إذا كان الرجل معلنا بفسقه فليست له غيبة، وقال أنس والحسن: من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة فيه، وقد احتج الإمام البخاري على غيبة أهل الفساد وأهل الريب بقول النبي صلى الله عليه وسلم في عيينة بن حصن لما استأذن عليه: بئس أخو العشيرة.

وتتأكد مشروعية فضح هؤلاء المجاهرين بالمعاصي المروجين للفاحشة بين المؤمنين إذا كان جهلة الناس مغترين بهم، وينزلونهم منزلة القدوة، ويعتبرونهم من الشخصيات العامة، ومن قادة الرأي في المجتمع! بل فضح هؤلاء وتنفير الناس منهم مطلوب شرعا؛ نصيحة للمسلمين، قال الإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى في كتابه الفرق بين النصيحة والتعيير: "اعلم أن ذكر الإنسان بما يكره محرم إذا كان المقصود منه مجرد الذم والعيب والنقص، فأما إن كان فيه مصلحة لعامة المسلمين، خاصة لبعضهم، وكان المقصود منه تحصيل تلك المصلحة فليس بمحرم، بل مندوب إليه" ا. هـ.

ولكن يجب أن تكون وسيلة فضح هؤلاء والتنفير منهم مشروعة غير مشتملة على منكر, ولا تؤدي إلى مفسدة أعظم، والأمر يحتاج إلى حكمة بالغة.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة