حكم العمل في برمجة موقع يتواصل فيه الجنسان

0 184

السؤال

أنا أعمل مبرمجا حرا لمواقع الويب، وتأتيني طلبات برمجة، أو تعديل على مواقع إنترنت، وجاءني طلب من شخص أوكراني يطلب مني التعديل على موقع يمتلكه، ويطلب مني التعديل في كود وسائل الدفع عبر موقعه، علما أن ذلك الموقع موقع تعارف أجنبي بين الرجال والنساء، ولا يوجد به لغة عربية، فهل في ذلك حرمة؟ مع العلم أني لم أنشئ الموقع، ولكن الموقع منشأ من قبل، وطلب مني التعديل في كود صفحة الدفع الخاصة بالمشتركين على الموقع فقط، وأنا بحاجة إلى ذلك المال، ولكني لست في حاجة ماسة، فهل في ذلك حرمة، أم ماذا؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دمت تعمل في تصميم وبرمجة مواقع الويب، فيحسن بنا أن نشير قبل الجواب عن سؤالك إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي في الويب يمكن تصنيفها في الجملة إلى نوعين  محرمة، ومباحة:

أما المحرمة، فهي: المواقع الاجتماعية المتخصصة بالتعارف بين الجنسين، من غير التزام بالضوابط الشرعية للتواصل الاجتماعي بينهما، فتكثر فيها المنكرات المتبادلة بين الطرفين، كالصور المحرمة، والعشق المحرم، والكلمات المحرمة، فهذه المواقع يحرم تأسيسها، وتعديلها، وصيانتها، والاشتراك فيها، ولو مجانا.

وأما النوع الثاني، فهي: المواقع المباحة : كمواقع التواصل ‏الإجتماعي العامة كموقع تويتر، أو الفيسبوك غير المتخصصة بالتعارف بين الجنسين، وتأسيس علاقات بينهما غير ‏مرضية شرعا، فالأصل في هذه المواقع جواز تأسيسها، وتعديلها، وصيانتها، والاشتراك فيها.

وللوقوف على الضوابط الشرعية للتواصل الاجتماعي بين الجنسين عبر الشبكة العنكبوتية، ومطلقا، انظر الفتاوى التالية أرقامها: ‏21582‏، ‏3672‏، 1759، 1932‏، 3672، 21582، 218194‏ .

فإذا اتضح ماسبق نقول: إذا غلب على ظنك أن الموقع من النوع الأول ـ كما هو المتبادر ـ فلا يحل لك التكسب بتعديل أكواد الدفع فيه، ولو بغير ‏أجر؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان؛ إذ إن المشتركين لا يتمكنون من دفع رسوم الاشتراك، أو رسوم ‏تنزيل مواد الموقع إلا من خلال صفحة الدفع بأكوادهم الخاصة به، والتي تقوم بتعديلها، أو صيانتها، فليس هذا ‏من الكسب الحلال، ولا المال الطيب، وقد قال تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة:2} وقال: ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا {الطلاق:2ـ3}; قال شيخ الإسلام: والتقوى تجمع فعل ما أمر الله به، وترك ما نهى الله عنه، ‏ويروى عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {يا أبا ذر، لو عمل الناس كلهم بهذه الآية لوسعتهم}، ‏ولهذا قال بعض السلف: ما احتاج تقي قط، يقول: إن الله ضمن للمتقين أن يجعل لهم مخرجا مما يضيق على الناس، ‏وأن يرزقهم من حيث لا يحتسبون، فيدفع عنهم ما يضرهم، ويجلب لهم ما يحتاجون إليه، فإذا لم يحصل ذلك دل على ‏أن في التقوى خللا، فليستغفر الله، وليتب إليه، ولهذا جاء في الحديث المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه ‏الترمذي أنه قال: "من أكثر الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا ‏يحتسب. اهـ. وقال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة، وأبي الدهماء: إنك لن تدع شيئا اتقاء الله، إلا أعطاك ‏الله خيرا منه. أخرجه أحمد، وللمزيد في تقرير ذلك راجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 1671،10536، 20318.‏

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى